(نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَسْحُوراً (٤٧) انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً) (٤٨)
____________________________________
آذانِهِمْ وَقْراً) صمما وثقلا مانعا من سماعه اللائق به وهذه تمثيلات معربة عن كمال جهلهم بشئون النبى صلىاللهعليهوسلم وفرط نبو قلوبهم عن فهم القرآن الكريم ومج أسماعهم له جىء بها بيانا لعدم فقههم لتسبيح لسان المقال إثر بيان عدم فقههم لتسبيح لسان الحال وإيذانا بأن هذا التسبيح من الظهور بحيث لا يتصور عدم فهمه إلا لمانع قوى يعترى المشاعر فيبطلها وتنبيها على أن حالهم هذا أقبح من حالهم السابق لا حكاية لما قالوا قلوبنا فى أكنة مما تدعونا إليه وفى آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب كيف لا وقصدهم بذلك إنما هو الإخبار بما اعتقدوه فى حق القرآن والنبى صلىاللهعليهوسلم جهلا وكفرا من اتصافهما بأوصاف مانعة من التصديق والإيمان ككون القرآن سحرا وشعرا وأساطير وقس عليه حال النبى صلىاللهعليهوسلم لا الإخبار بأن هناك أمرا وراء* ما أدركوه قد حال بينهم وبين إدراكه حائل من قبلهم ولا ريب فى أن ذلك المعنى مما لا يكاد يلائم المقام (وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ) واحدا غير مشفوع به آلهتهم وهو مصدر وقع موقع الحال أصله يحدو حده (وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ) أى هربوا ونفروا (نُفُوراً) أو ولوا نافرين (نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ) ملتبسين به من اللغو والاستخفاف والهزء بك وبالقرآن يروى أنه كان يقوم عن يمينه صلىاللهعليهوسلم رجلان من بنى عبد الدار* وعن يساره رجلان فيصفقون ويصفرون ويخلطون عليه بالأشعار (إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ) ظرف لأعلم وفائدته تأكيد الوعيد بالإخبار بأنه كما يقع الاستماع المزبور منهم يتعلق به العلم لا أن العلم يستفاد هناك من أحد* وكذا قوله تعالى (وَإِذْ هُمْ نَجْوى) لكن لا من حيث تعلقه بما به الاستماع بل بما به التناجى المدلول عليه بسياق النظم والمعنى نحن أعلم بالذى يستمعون ملتبسين به مما لا خير فيه من الأمور المذكورة وبالذى يتناجون به فيما بينهم أو الأول ظرف ليستمعون والثانى ليتناجون والمعنى نحن أعلم بما به الاستماع وقت استماعهم من غير تأخير وبما به التناجى وقت تناجيهم ونجوى مرفوع على الخبرية بتقدير المضاف أى ذو ونجوى أو هو* جمع نجى كقتلى جمع قتيل أى متناجون (إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ) بدل من (إِذْ هُمْ) وفيه دليل على أن ما يتناجون به غير ما يستمعون به وإنما وضع الظالمون موضع المضمر إشعارا بأنهم فى ذلك ظالمون مجاوزون للحد* أى يقول كل منهم للآخرين عند تناجيهم (إِنْ تَتَّبِعُونَ) ما تتبعون إن وجد منكم الاتباع فرضا أو ما تتبعون ٤٨ باللغو والهزء (إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً) أى سحر فجن أو رجلا ذا سحر أى رئة يتنفس أى بشرا مثلكم (انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ) أى مثلوك بالشاعر والساحر والمجنون (فَضَلُّوا) فى جميع ذلك عن منهاج* المحاجة (فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً) إلى طعن يمكن أن يقبله أحد فيتهافتون ويخبطون ويأتون بما لا يزتاب فى بطلانه احد أو إلى سبيل الحق والرشاد وفيه من الوعيد وتسلية الرسول صلىاللهعليهوسلم ما لا يخفى.