(وَأَلْقَوْا إِلَى اللهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٨٧) الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ بِما كانُوا يُفْسِدُونَ (٨٨) وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ) (٨٩)
____________________________________
السلام بل كانوا يعبدون الجن يعنون أن الجن هم الذين كانوا راضين بعبادتهم لا نحن أو كذبوهم فى تسميتهم شركاء وآلهة تنزيها لله سبحانه عن الشريك والشياطين وإن كانوا راضين بعبادتهم لهم لكنهم لم يكونوا حاملين لهم على وجه القسر والإلجاء كما قال إبليس وما كان لى عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لى فكأنهم قالوا ما عبدتمونا حقيقة بل إنما عبدتم أهواءكم (وَأَلْقَوْا) أى الذين أشركوا (إِلَى اللهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ) الاستسلام والانقياد لحكمه العزيز الغالب بعد الاستكبار عنه فى الدنيا (وَضَلَّ عَنْهُمْ) أى ضاع وبطل* (ما كانُوا يَفْتَرُونَ) من أن لله سبحانه شركاء وأنهم ينصرون ويشفعون لهم وذلك حين كذبوهم وتبرءوا* منهم (الَّذِينَ كَفَرُوا) فى أنفسهم (وَصَدُّوا) غيرهم (عَنْ سَبِيلِ اللهِ) بالمنع عن الإسلام والحمل على الكفر (زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ) الذى كانوا يستحقونه بكفرهم قيل فى زيادة عذابهم حيات أمثال البخت* وعقارب أمثال البغال تلسع إحداهن فيجد صاحبها حمتها أربعين خريفا وقيل يخرجون من النار إلى الزمهرير فيبادرون من شدة البرد إلى النار (بِما كانُوا يُفْسِدُونَ) متعلق بقوله (زِدْناهُمْ) أى زدنا عذابهم بسبب استمرارهم على الإفساد وهو الصد المذكور (وَيَوْمَ نَبْعَثُ) تكرير لما سبق تثنية للتهديد (فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ) أى نبيا (مِنْ أَنْفُسِهِمْ) من جنسهم قطعا لمعذرتهم وفى قوله تعالى (عَلَيْهِمْ) إشعار بأن شهادة أنبيائهم على الأمم تكون بمحضر منهم (وَجِئْنا بِكَ) إيثار لفظ المجىء على البعث لكمال العناية بشأنه عليهالسلام وصيغة الماضى للدلالة على تحقق الوقوع (شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ) الأمم وشهدائهم كقوله تعالى (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) وقيل على أمتك والعامل فى الظرف محذوف كما مر والمراد به يوم القيامة (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ) الكامل فى الكتابية الحقيق بأن يخص باسم الجنس وهو إما استئناف أو حال بتقدير قد (تِبْياناً) بيانا بليغا (لِكُلِّ شَيْءٍ) يتعلق بأمور الدين ومن جملة ذلك أحوال الأمم مع أنبيائهم عليهمالسلام فيكون كالدليل على كونه عليهالسلام شهيدا عليهم وكذا من جملته ما أخبر به هذه الآية الكريمة من بعث الشهداء وبعثه عليهالسلام شهيدا عليهم الصلاة والسلام والتبيان كالتلقاء فى كسر أوله وكونه تبيانا لكل شىء من أمور الدين باعتبار أن فيه نصا على بعضها وإحالة لبعضها على السنة حيث أمر باتباع النبى صلىاللهعليهوسلم وطاعته وقيل فيه وما ينطق عن الهوى وحثا على الإجماع وقد رضى رسول الله صلىاللهعليهوسلم لأمته باتباع أصحابه حيث قال أصحابى كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم وقد اجتهدوا وقاسوا ووطئوا طرق الاجتهاد فكانت السنة والإجماع والقياس مستندة إلى تبيان