(ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً (٣) وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً (٤) فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً) (٥)
____________________________________
* الكتاب (هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ) يهتدون بما فى مطاويه (أَلَّا تَتَّخِذُوا) أى لا تتخذوا نحو كتبت إليه أن افعل كذا وقرىء بالياء على أن أن مصدرية والمعنى آتينا موسى الكتاب لهداية بنى إسرائيل لئلا يتخذوا (مِنْ دُونِي وَكِيلاً) أى ربا تكلون إليه أموركم والإفراد لما أن فعيلا مفرد فى اللفظ جمع فى المعنى (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ) نصب على الاختصاص أو النداء على قراءة النهى والمراد تأكيد الحمل على التوحيد بتذكير إنعامه تعالى عليهم فى ضمن إنجاء آبائهم من الغرق فى سفينة نوح عليهالسلام أو على أنه أحد مفعولى لا يتخذوا على قراءة النفى ومن دونى حال من وكيلا فيكون كقوله تعالى (وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً) وقرىء بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أو بدل من واو لا تتخذوا بإبدل الظاهر* من ضمير المخاطب كما هو مذهب بعض البغاددة وقرىء ذرية بكسر الذال (إِنَّهُ) أى إن نوحا عليه الصلاة* والسلام (كانَ عَبْداً شَكُوراً) كثير الشكر فى مجامع حالاته وفيه إيذان بأن إنجاء من معه كان ببركة شكره عليه الصلاة والسلام وحث للذرية على الاقتداء به وزجر لهم عن الشرك الذى هو أعظم مراتب الكفران وقيل الضمير لموسى عليهالسلام (وَقَضَيْنا) أى أتممنا وأحكمنا منزلين (إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ) أو* موحين إليهم (فِي الْكِتابِ) أى فى التوراة فإن الإنزال والوحى إلى موسى عليهالسلام إنزال ووحى* إليهم (لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ) جواب قسم محذوف ويجوز إجراء القضاء المحتوم مجرى القسم كأنه قيل* وأقسمنا لتفسدن (مَرَّتَيْنِ) مصدر والعامل فيه من غير جنسه أولاهما مخالفة حكم التوراة وقتل شعياء عليه الصلاة والسلام وحبس أرمياء حين أنذرهم سخط الله تعالى والثانية قتل زكريا ويحيى وقصد قتل* عيسى عليهم الصلاة والسلام (وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً) لتستكبرن عن طاعة الله سبحانه أو لتغلبن الناس بالظلم والعدوان وتفرطن فى ذلك إفراطا مجاوزا للحدود (فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما) أى أولى كرتى الإفساد* أى حان وقت حلول العقاب الموعود (بَعَثْنا عَلَيْكُمْ) لمؤاخذتكم بجناياتكم (عِباداً لَنا) وقرىء عبيدا لنا* (أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) ذوى قوة وبطش فى الحروب هم سنجاريب من أهل نينوى وجنوده وقيل بخت نصر* عامل لهراسب وقيل جالوت (فَجاسُوا) أى ترددوا لطلبكم بالفساد وقرىء بالحاء والمعنى واحد وقرىء* وجوسوا (خِلالَ الدِّيارِ) فى أوساطها للقتل والغارة وقرىء خلل الديار فقتلوا علماءهم وكبارهم وأحرقوا التوراة وخربوا المسجد وسبوا منهم سبعين ألفا وذلك من قبيل تولية بعض الظالمين بعضا مما جرت به