(وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً (٦٧) أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً (٦٨) أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تارَةً أُخْرى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً) (٦٩)
____________________________________
عند مساس الضر تكملة لما مر من قوله تعالى (فَلا يَمْلِكُونَ) الآية (إِنَّهُ كانَ بِكُمْ) أزلا وأبدا (رَحِيماً) حيث* هيأ لكم ما تحتاجون إليه وسهل عليكم ما يعسر من مباديه وهذا تذييل فيه تعليل لما سبق من الإزجاء لابتغاء الفضل وصيغة الرحيم للدلالة على أن المراد بالرحمة الرحمة الدنيوية والنعمة العاجلة المنقسمة إلى الجليلة والحقيرة (وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ) خوف الغرق فيه (ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ) أى ذهب عن خواطركم ما كنتم تدعون من دون الله من الملائكة أو المسيح أو غيرهم (إِلَّا إِيَّاهُ) وحده من غير أن يخطر ببالكم أحد منهم* وتدعوه لكشفه استقلالا أو اشتراكا أو ضل كل من تدعونه عن إغائتكم وإنقاذكم ولم يقدر على ذلك إلا الله على الاستثناء المنقطع (فَلَمَّا نَجَّاكُمْ) من الغرق وأوصلكم (إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ) عن التوحيد أو اتسعتم* فى كفران النعمة (وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً) تعليل لما سبق من الإعراض (أَفَأَمِنْتُمْ) الهمزة للإنكار والفاء للعطف على محذوف تقديره أنجوتم فأمنتم (أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ) الذى هو مأمنكم أى يقلبه ملتبسا* بكم أو بسبب كونكم فيه وفى زيادة الجانب تنبيه على تساوى الجوانب والجهات بالنسبة إلى قدرته سبحانه وتعالى وقهره وسلطانه وقرىء بنون العظمة (أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ) من فوقكم وقرىء بالنون* (حاصِباً) ريحا ترمى بالحصباء (ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً) يحفظكم من ذلك أو يصرفه عنكم فإنه لاراد* لأمره الغالب (أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ) فى البحر أو ثرت كلمة فى على كلمة إلى المبئة عن مجرد الانتهاء للدلالة على استقرارهم فيه (تارَةً أُخْرى) إسناد الإعادة إليه تعالى مع أن العود إليه باختيارهم باعتبار* خلق الدواعى الملجئة لهم إلى ذلك وفيه إيماء إلى كمال شدة هول مالا قوة فى التارة الأولى بحيث لو لا الإعادة لما عادوا (فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ) وأنتم فى البحر وقرىء بالنون (قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ) وهى التى لا تمر* بشىء إلا كسرته وجعلته كالرميم أو التى لها قصيف وهو الصوت الشديد كأنها تنقصف أى تتكسر (فَيُغْرِقَكُمْ) بعد كسر فلككم كما ينبىء عنه عنوان القصف وقرىء بالنون وبالتاء على الإسناد إلى ضمير* الريح (بِما كَفَرْتُمْ) بسبب إشراككم أو كفرانكم لنعمة الإنجاء (ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً) * أى ثائرا يطالبنا بما فعلنا انتصارا منا ودركا للثأر من جهتنا كقوله سبحانه (وَلا يَخافُ عُقْباها).