(وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً) (٨٣)
____________________________________
صحف فيها علم (وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً) تنبيه على أن سعيه فى ذلك كان لصلاحه قيل كان بينهما وبين الأب الذى* حفظا فيه سبعة آباء (فَأَرادَ رَبُّكَ) أى مالكك ومدبر أمورك ففى إضافة الرب إلى ضمير موسى عليه* الصلاة والسلام دون ضمير هما تنبيه له عليه الصلاة والسلام على تحتم كمال الانقياد والاستسلام لإرادته سبحانه ووجوب الاحتراز عن المناقشة فيما وقع بحسبها من الأمور المذكورة (أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما) أى* حلمهما وكمال رأيهما (وَيَسْتَخْرِجا) بالكلية (كَنزَهُما) من تحت الجدار ولو لا أنى أقمته لا نقض وخرج الكنز* من تحته قبل اقتدارهما على حفظ المال وتنميته وضاع (رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) مصدر فى موقع الحال أى مرحومين* منه عزوجل أو مفعول له أو مصدر مؤكد لأراد فإن إرادة الخير رحمة وقيل متعلق بمضمر أى فعلت ما فعلت من الأمور التى شاهدتها رحمة من ربك ويعضده إضافة الرب إلى ضمير المخاطب دون ضميرهما فيكون قوله عز وعلا (وَما فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي) أى عن رأيى واجتهادى تأكيد لذلك (ذلِكَ) إشارة إلى* العواقب المنظومة فى سلك البيان وما فيه من معنى البعد للإيذان ببعد درجتها فى الفخامة (تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ) * أى لم تستطع فحذف التاء للتخفيف (عَلَيْهِ صَبْراً) من الأمور التى رابته أى مآله وعاقبته فيكون إنجازا* للنبئة الموعودة أو إلى البيان نفسه فيكون التأويل بمعناه وعلى كل حال فهو فذلكة لما تقدم وفى جعل الصلة عين ما مر تكرير للنكير وتشديد للعتاب. تنبيه : اختلفوا فى حياة الخضر عليه الصلاة والسلام فقيل إنه حى وسببه إنه كان على مقدمة ذى القرنين فلما دخل الظلمات أصاب الخضر عين الحياة فنزل واغتسل منها وشرب من مائها وأخطأ ذو القرنين الطريق فعاد قالوا وإلياس أيضا فى الحياة يلتقيان كل سنة بالموسم وقيل إنه ميت لما روى أن النبى صلىاللهعليهوسلم صلى العشاء ذات ليلة ثم قال أرأيتكم ليلتكم هذه فإن رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد ولو كان الخضر حينئذ حيا لما عاش بعد مائة عام. روى أن موسى عليه الصلاة والسلام لما أراد أن يفارقه قال أوصنى قال لا تطلب العلم لتحدث به واطلبه لتعمل به (وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ) هم اليهود سألوه على وجه الامتحان أو سأله قريش بتلقينهم وصيغة الاستقبال للدلالة على استمرارهم على ذلك إلى ورود الجواب وهو ذو القرنين الأكبر واسمه الإسكندر ابن فيلفوس اليونانى وقال ابن إسحق اسمه مرزبان بن مردبه من ولد يافث بن نوح عليه الصلاة والسلام وكان أسود وقيل اسمه عبد الله بن الضحاك وقيل مصعب بن عبد الله بن فينان بن منصور بن عبد الله بن الآزر بن عون بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يعرب بن قحطان وقال السهيلى قيل إن اسمه مرزبان بن مدركة ذكره ابن هشام وهو أول التبابعة وقيل إنه افريذون بن النعمان الذى قتل الضحاك وذكر أبو الريحان البيروتى فى كتابه المسمى بالآثار الباقية عن القرون الخالية أن ذا القرنين هو أبو كرب سمى ابن عيرين بن افريقيس الحميرى وأن ملكه بلغ مشارق الأرض ومغاربها وهو الذى افتخر به التبع اليمانى حيث قال[قد كان ذو القرنين جدى مسلما * ملكا علا فى الأرض غير مفند] * [بلغ المشارق والمغارب يبتغى * أسباب أمر من حكيم مرشد] وجعل هذا القول أقرب لأن الأذواء كانوا من اليمن كذى المنار وذى نواس وذى النون وذى