(كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها) (٤٦)
____________________________________
الوجه الثانى هو تقرير لقوله تعالى (أَنْتَ مِنْ ذِكْراها) ببيان أن إرساله عليه الصلاة والسلام وهو خاتم الأنبياء عليهمالسلام منذر بمجىء الساعة كما ينطق به قوله عليه الصلاة والسلام بعثت أنا والساعة كهاتين إن كادت لتسبقنى وقرىء منذر بالتنوين وهو الأصل والإضافة تخفيف صالح للحال والاستقبال فإذا أريد الماضى تعينت الإضافة وتخصيص الإنذار بمن يخشى مع عموم الدعوة لأنه المنتفع به وقوله تعالى (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها) إما تقرير وتأكيد لما ينبىء عنه الإنذار من سرعة مجىء المنذر به لا سيما على الوجه الثانى أى كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا بعد الإنذار بها إلا عشية يوم واحد أو ضحاه فلما ترك اليوم أضيف ضحاه إلى عشيته وإما رد لما أدمجوه فى سؤالهم فإنهم كانوا يسألون عنها بطريق الاستبطاء مستعجلين بها وإن كان على نهج الاستهزاء بها ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين فالمعنى كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا بعد الوعيد بها إلا عشية أو ضحاها واعتبار كون اللبث فى الدنيا أو فى القبور لا يقتضيه المقام وإنما الذى يقتضيه اعتبار كونه بعد الإنذار أو بعد الوعيد تحقيقا للإنذار وردا لاستبطائهم والجملة على الأول حال من الموصول فإنه على تقديرى الإضافة وعدمها مفعول لمنذر كما أن قوله تعالى (كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنَ النَّهارِ) حال من ضمير المفعول فى (يَحْشُرُهُمْ) أى يحشرهم مشبهين بمن لم يلبث فى الدنيا إلا ساعة خلا أن الشبه هناك فى الأحوال الظاهرة من الزى والهيئة وفيما نحن فيه فى الاعتقاد كأنه قيل تنذرهم مشبهين يوم يرونها فى الاعتقاد بمن لم يلبث بعد الإنذار بها إلا تلك المدة اليسيرة وعلى الثانى مستأنفة لا محل لها من الإعراب. عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم من قرأ سورة النازعات كان ممن حبسه الله عزوجل فى القبر والقيامة حتى يدخل الجنة قدر صلاة مكتوبة والله أعلم.