(يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها (٤٢) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها (٤٣) إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها (٤٤) إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها) (٤٥)
____________________________________
قوله تعالى (عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ) وقوله تعالى (عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ) فيكون قوله تعالى (وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ) عطفا عليه وصيغة الماضى للدلالة على التحقق أو حالا من الإنسان بإضمار قد أو بدونه على اختلاف الرأيين ولمن يرى مغن عن العائد وقوله تعالى (فَأَمَّا مَنْ طَغى) الخ تفصيلا لحالى الإنسان الذى يتذكر ما سعى وتقسيما له بحسب أعماله إلى القسمين المذكورين (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها) متى إرساؤها أى إقامتها يريدون متى يقيمها الله تعالى ويثبتها ويكونها وقيل أيان منتهاها ومستقرها كما أن مرسى السفينة حيث تنتهى إليه وتستقر فيه وقوله تعالى (فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها) إنكار ورد لسؤال المشركين عنها أى فى أى شىء أنت من تذكر لهم وقتها وتعلمهم به حتى يسألونك بيانها كقوله تعالى (يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها) أى ما أنت من ذكرها لهم وتبيين وقتها فى شىء لأن ذلك فرع علمك به وأنى لك ذلك وهو مما استأثر بعلمه علام الغيوب ومن قال بصدد التعليل فإن ذكرها لا يزيدهم إلا غيا فقد نأى عن الحق وقيل فيم إنكار لسؤالهم وما بعده من الاستئناف تعليل للإنكار وبيان لبطلان السؤال أى فيم هذا السؤال ثم ابتدىء فقيل أنت من ذكراه أى إرسالك وأنت خاتم الأنبياء المبعوث فى نسيم الساعة علامة من علاماتها ودليل يدلهم على العلم بوقوعها عن قريب فحسبهم هذه المرتبة من العلم فمعنى قوله تعالى (إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها) على هذا الوجه إليه تعالى يرجع منتهى علمها أى علمها بكنهها وتفاصيل أمرها ووقت وقوعها لا إلى أحد غيره وإنما وظيفتهم أن يعلموا باقترابها ومشارفتها وقد حصل لهم ذلك بمبعثك فما معنى سؤالهم عنها بعد ذلك وأما على الوجه الأول فمعناه إليه تعالى انتهاء علمها ليس لأحد منه شىء ما كائنا من كان فلأى شىء يسألونك عنها وقوله تعالى (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها) على الوجه الأول تقرير لما قبله من قوله تعالى (فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها) وتحقيق لما هو المراد منه وبيان لوظيفته عليه الصلاة والسلام فى ذلك الشأن فإن إنكار كونه عليه الصلاة والسلام فى شىء من ذكراها مما يوهم بظاهره أن ليس له عليه الصلاة والسلام أن يذكرها بوجه من الوجوه فأزيح ذلك ببيان أن المنفى عنه عليه الصلاة والسلام ذكرها لهم بتعيين وقتها حسبما كانوا يسألونه عليه الصلاة والسلام عنها فالمعنى إنما أنت منذر من يخشاها وظيفتك الامتثال بما أمرت به من بيان اقترابها وتفصيل ما فيها من فنون الأهوال كما تحيط به خبرا لا تعيين وقتها الذى لم يفوض إليك فما لهم يسألونك عما ليس من وظائفك بيانه وعلى