(وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى (٣٦) فَأَمَّا مَنْ طَغى (٣٧) وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا (٣٨) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى (٣٩) وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى) (٤١)
____________________________________
أحد ما عمله من خير أو شر بأن يشاهده مدونا فى صحيفة أعماله وقد كان نسيه من فرط الغفلة وطول الأمد كقوله تعالى (أَحْصاهُ اللهُ وَنَسُوهُ) ويجوز أن تكون ما مصدرية (وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ) عطف على* جاءت أى أظهرت إظهارا بينا لا يخفى على أحد (لِمَنْ يَرى) كائنا من كان يروى أنه يكشف عنها فتتلظى فيراها كل ذى بصر وقرىء وبرزت بالتخفيف ولمن رأى ولمن ترى على فيه ضمير الجحيم كما فى قوله تعالى (إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) وعلى أنه خطاب لرسول الله صلىاللهعليهوسلم أى لم تراه من الكفار وقوله تعالى (فَأَمَّا مَنْ طَغى) الخ جواب (فَإِذا جاءَتِ) على طريقة قوله تعالى (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً) الآية وقيل هو تفصيل للجواب المحذوف تقديره انقسم الراؤون قسمين فأما من الخ والذى تستدعيه فخامة الننزيل ويقتضيه مقام التهويل أن الجواب المحذوف كان من عظائم الشؤن ما لم تشاهده العيون كما مر فى قوله تعالى (يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُلَ) أى فأما من عتا وتمرد عن الطاعة وجاوز الحد فى العصيان (آثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا) الفانية التى هى على جناح الفوات فانهمك فيما متع به فيها ولم يستعد للحياة الأخروية الأبدية بالإيمان والطاعة (فَإِنَّ الْجَحِيمَ) التى ذكر شأنها (هِيَ الْمَأْوى) أى هى مأواه واللام سادة مسد الإضافة للعلم بأن صاحب المأوى هو الطاغى كما فى قولك غض الطرف ودخول اللام فى المأوى والطرف للتعريف لأنهما معروفان وهى إما ضمير فصل أو مبتدأ قيل نزلت الآية فى النضر وأبيه الحرث المشهورين بالغلو فى الكفر والطغيان (وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ) أى مقامه بين يدى ما لك أمره يوم الطامة الكبرى* يوم يتذكر الإنسان ما سعى (وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى) عن الميل إليه بحكم الجبلة البشرية ولم يعتد بمتاع الحياة الدنيا وزهرتها ولم يغتر بزخارفها وزينتها علما منه بوخامة عاقبتها (فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى) له لا غيرها وقيل نزلت الآيتان فى أبى عزيز بن عمير ومصعب بن عمير وقد قتل مصعب أخاه أبا عزيز يوم أحد ووقى رسول اللهصلىاللهعليهوسلم حتى استشهد رضى الله عنه هذا وقد قيل جواب إذا ما يدل عليه قوله تعالى (يَوْمَ يَتَذَكَّرُ) الخ أى فإذا جاءت الطامة الكبرى يتذكر الإنسان ما سعى على طريقة