(مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ (٣٣) فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى (٣٤) يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ما سَعى) (٣٥)
____________________________________
الاثنين ودحاها وخلق ما فيها يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء وخلق السموات وما فيهن يوم الخميس ويوم الجمعة وخلق آدم عليهالسلام فى آخر ساعة منه وهى الساعة التى تقوم فيها القيامة فالأقرب كما قيل تأويل هذه الآية بأن يجعل ذلك إشارة إلى ذكر ما ذكر من بناء السماء ورفع سمكها وتسويتها وغيرها لا إلى أنفسها ويحمل بعدية فى الذكر كما هو المعهود فى ألسنة العرب والعجم لا فى الوجود لما عرفت من أن انتصاب الأرض بمضمر مقدم قد حذف على شريطة التفسير لا بما ذكر بعده ليفيد القصر وتتعين البعدية فى الوجود وفائدة تأخيره فى الذكر إما التنبيه على أنه قاصر فى الدلالة على القدرة القاهرة بالنسبة إلى أحوال السماء وإما الإشعار بأنه أدخل فى الإلزام لما أن المنافع المنوطة بما فى الأرض أكثر وتعلق مصالح الناس بذلك أظهر وإحاطتهم بتفاصيل أحواله أكمل وليس ما روى عن الحسن نصا فى تأخر دحو الأرض عن خلق السماء فإن بسط الأرض معطوف على إصعاد الدخان وخلق السماء بالواو هى بمعزل من الدلالة على الترتيب هذا على تقدير حمل ما ذكر فى آيات سورة السجدة من الخلق وما عطف عليه من الأفعال الثلاثة على معانيها الظاهرة وأما إذا حملت على تقديرها فلا دلالة فيها إلا على تقدم تقدير الأرض وما فيها على إيجاد السماء كما لا دلالة على الترتيب أصلا إذا حملت كلمة ثم فيها وفيما فى سورة البقرة على التراخى فى الرتبة وقد سلف تفصيل الكلام فى السورة المذكورة وقوله تعالى (مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ) إما مفعول له أى فعل ذلك تمتيعا لكم ولأنعامكم لأن فائدة ما ذكر من البسط والتمهيد وإخراج الماء والمرعى واصلة إليهم وإلى أنعامهم فإن المراد المرعى ما يعم ما يأكله الإنسان وغيره بناء على استعارة الرعى لتناول المأكول على الإطلاق كاستعارة المرسن للأنف وقيل مصدر مؤكد لفعله المضمر أى متعكم بذلك متاعا أو مصدر من غير لفظه فإن قوله تعالى (أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها) فى معنى متع بذلك وقوله تعالى (فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى) أى الداهية العظمى التى تطم على سائر الطامات أى تعلوها وتغلبها وهى القيامة أو النفخة الثانية وقيل هى الساعة التى يساق الخلائق إلى محشرهم وقيل التى يساق أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار شروع فى بيان أحوال معادهم إثر بيان أحوال معاشهم بقوله تعالى (مَتاعاً لَكُمْ) الخ والفاء للدلالة على ترتب ما بعدها على ما قبلها عما قليل كما ينبى منه لفظ المتاع (يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ما سَعى) قيل هو بدل من إذا جاءت والأظهر أنه منصوب بأعنى كما قيل تفسيرا للطامة الكبرى فإن الإبدال منها بالظرف المحض مما يوهن تعلقها بالجواب ويجوز أن يكون بدلا من الطامة الكبرى مفتوحا لإضافته إلى الفعل على رأى الكوفيين أى يتذكر فيه كل