(أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى (٤) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى (٥) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (٦) وَما عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى (٧) وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى (٨) وَهُوَ يَخْشى (٩) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (١٠) كَلاَّ إِنَّها تَذْكِرَةٌ) (١١)
____________________________________
وقوله تعالى (أَوْ يَذَّكَّرُ) عطف على (يَزَّكَّى) داخل معه فى حكم الترجى وقوله تعالى (فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى) بالنصب على جواب لعل وقرىء بالرفع عطفا على يذكر أى أو يتذكر فتنفعه موعظتك إن لم يبلغ درجة التزكى التام وقيل الضمير فى لعله للكافر فالمعنى إنك طمعت فى أن يتزكى أو يذكر فتقربه الذكرى إلى قبول الحق ولذلك توليت عن الأعمى وما يدريك أن ذلك مرجو الوقوع (أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى) أى عن الإيمان وعما عندك من العلوم والمعارف التى ينطوى عليها القرآن (فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى) أى تتصدى وتتعرض بالإقبال عليه والاهتمام بإرشاده واستصلاحه وفيه مزيد تنفير له عليه الصلاة والسلام عن مصاحبتهم فإن الإقبال على المدبر ليس من شيم الكبار وقرىء تصدى بإدغام التاء فى الصاد وقرىء تصدى بضم التاء أى تعرض ومعناه يدعوك إلى التصدى له داع من الحرص والتهالك على إسلامه (وَما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى) وليس عليك بأس فى أن لا يتزكى بالإسلام حتى تهتم بأمره وتعرض عمن أسلم والجملة حال من ضمير تصدى وقيل ما استفهامية للإنكار أى أى شىء عليك فى أن لا يتزكى ومآله النفى أيضا (وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى) أى حال كونه مسرعا طالبا لما عندك من أحكام الرشد وخصال الخير (وَهُوَ يَخْشى) أى الله تعالى وقيل يخشى أذية الكفار فى إتيانك وقيل يخشى الكبوة إذ لم يكن معه قائد والجملة حال من فاعل يسعى كما أنه حال من فاعل جاءك (فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى) تتشاغل يقال لهى عنه والتهى وتلهى وقرىء تتلهى وتلهى أى يلهيك شأن الصناديد فى تقديم ضميره عليه الصلاة والسلام على الفعلين تنبيه على أن مناط الإنكار خصوصيته عليه الصلاة والسلام أى مثلك خصوصا لا ينبغى أن يتصدى للمستغنى ويتلهى الفقير الطالب للخير وتقديم له وعنه للتعريض باهتمامه عليه الصلاة والسلام بمضمونها. روى أنه عليه الصلاة والسلام ما عبس بعد ذلك فى وجه فقير قط ولا تصدى لغنى (كَلَّا)