(الْجَوارِ الْكُنَّسِ (١٦) وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ (١٧) وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ (١٨) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (٢٠) مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (٢١) وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ) (٢٢)
____________________________________
(الْجَوارِ الْكُنَّسِ) لأنها تجرى مع الشمس والقمر وترجع حتى تخفى تحت ضوء الشمس فخنوسها رجوعها وكنوسها اختفاؤها تحت ضوئها من كنس الوحشى إذا دخل كناسه وهو البيت الذى يتخذه من أغصان الشجر وقيل هى جميع الكواكب تخنس بالنهار فتغيب عن العيون وتكنس بالليل أى تطلع فى أماكنها كالوحش فى كنسها (وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ) أى أدبر ظلامه أو أقبل فإنه من الأضداد وكذلك سعسع قال الفراء أجمع المفسرون على أن معنى عسعس أدبر وعليه قول العجاج[حتى إذا الصبح لها تنفسا * وانجاب عنها ليلها وعسعسا] وقيل هى لغة قريش خاصة وقيل معنى إقبال ظلامه أوفق لقوله تعالى (وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ) لأنه أول النهار وقيل إدباره أقرب من تنفس الصبح ومعناه أن الصبح إذا أقبل يقبل بإقباله روح ونسيم فجعل ذلك نفسا له مجازا فقيل تنفس الصبح (إِنَّهُ) أى* القرآن الكريم الناطق بما ذكر من الدواهى الهائلة (لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) هو جبريل عليهالسلام قاله من جهة الله عزوجل (ذِي قُوَّةٍ) شديدة كقوله تعالى (شَدِيدُ الْقُوى) وقيل المراد القوة فى أداء طاعة* الله تعالى وترك الإخلال بها من أول الخلق إلى آخر زمان التكليف (عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ) ذى مكانة رفيعة عند الله تعالى عندية إكرام وتشريف لا عندية مكان (مُطاعٍ) فيما بين ملائكته المقربين يصدرون* عن أمره ويرجعون إلى رأيه (ثَمَّ أَمِينٍ) على الوحى وثم ظرف لما قبله وقيل لما بعده وقرىء ثم تعظيما لوصف الأمانة وتفضيلا لها على سائر الأوصاف (وَما صاحِبُكُمْ) هو رسول الله صلى الله عليه* وسلم (بِمَجْنُونٍ) كما تبهته الكفرة والتعرض لعنوان المصاحبة للتلويح بإحاطتهم بتفاصيل أحواله عليه الصلاة والسلام خبرا وعلمهم بنزاهته عليهالسلام عما نسبوه إليه بالكلية وقد استدل به على فضل جبريل عليه عليهماالسلام للتباين البين بين وصفيهما وهو ضعيف إذ المقصود رد قول الكفرة فى حقه عليه الصلاة والسلام إنما يعلمه بشر أفترى على الله كذبا أم به جنة لا تعداد فضائلهما والموازنة