(يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ (٦) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ (٧) فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً (٨) وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً (٩) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ (١٠) فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً (١١) وَيَصْلى سَعِيراً (١٢) إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً) (١٣)
____________________________________
الربانية وتكرير كلمة إذا مع اتحاد الأفعال المنسوبة إلى السماء والأرض وقوعا فى الوقت الممتد الذى هو مدلولها قد مر سره فيما مر (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً) أى جاهد ومجد إلى الموت وما بعده من الأحوال التى مثلت باللقاء مبالغ فى ذلك فإن الكدح جهد النفس فى العمل والكد فيه بحيث* يؤثر فيها من كدح جلده إذا خدشه (فَمُلاقِيهِ) أى فملاق له عقيب ذلك لا محالة من غير صارف يلويك عنه قوله تعالى (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ) (فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً) الخ قيل جواب إذا كما فى قوله تعالى (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) وقوله تعالى (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ) الخ اعتراض وقيل هو محذوف للتهويل والإيماء إلى قصور العبارة عن بيانه أو للتعويل على ما مر فى سورة التكوير والإنفطار عليه وقيل هو ما دل عليه قوله تعالى (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ) الخ تقديره لاقى الإنسان كدحه وقيل هو قوله تعالى (فَمُلاقِيهِ) وما قبله اعتراض وقيل هو يأيها الإنسان الخ باضمار القول يسيرا سهلا لا مناقشة فيه ولا اعتراض وعن الصديقة رضى الله عنها هو أن يعرف ذنوبه ثم يتجاوز عنه (وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً) أى عشيرته المؤمنين أو فريق المؤمنين مبتهجا بحاله قائلا هاؤم اقرؤا كتابيه وقيل إلى أهله فى الجنة من الحور والغلمان (وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ) أى يؤتاه بشماله من وراء ظهره قيل تغل يمناه إلى عنقه ويجعل شماله وراء ظهره فيؤتى كتابه بشماله وقيل تخلع يده اليسرى من وراء ظهره (فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً) أى يتمنى الثبور وهو الهلاك ويدعوه يا ثبوراه تعال فإنه أوانك وأنى له ذلك (وَيَصْلى سَعِيراً) أى يدخلها وقرىء يصلى كقوله تعالى (وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ) وقرىء ويصلى كما فى قوله تعالى (وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ) (إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ) فيما بين أهله وعشيرته فى الدنيا (مَسْرُوراً)