(إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (١٤) بَلى إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً (١٥) فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (١٦) وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ (١٧) وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (١٨) لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ (١٩) فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (٢٠)
____________________________________
مترفا بطرا مستبشرا كديدن الفجار الذين لا يهمهم ولا يخطر ببالهم أمور الآخرة ولا يتفكرون فى العواقب ولم يكن حزينا متفكرا فى حاله ومآله كسنة الصلحاء والمتقين والجملة استئناف لبيان علة ما قبلها وقوله تعالى (إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ) تعليل لسروره فى الدنيا أى ظن أن لن يرجع إلى الله تعالى تكذيبا للمعاد وأن مخففة من أن سادة مع ما فى حيزها مسد مفعولى الظن أو أحدهما على الخلاف المعروف (بَلى) إيجاب لما بعد ان وقوله تعالى (إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً) تحقيق وتعليل له أى بلى ليحورن البتة إن ربه الذى خلقه كان به وبأعماله الموجبة للجزاء بصيرا بحيث لا يخفى منها خافية فلا بد من رجعه وحسابه وجزائه عليها حتما وقيل نزلت الآيتان فى أبى سلمة بن عبد الأشدو أخيه الأسود (فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ) هى الحمرة التى تشاهد فى أفق المغرب بعد الغروب أو البياض الذى يليها سمى به لرقته ومنه الشفقة التى هى عبارة عن رقة القلب (وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ) وما جمع وضم يقال وسقه فاتسق واستوسق أى جمعه فاجتمع وما عبارة عما يجتمع بالليل ويأوى إلى مكانه من الدواب وغيرها (وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ) أى اجتمع وتم بدرا ليلة أربع عشرة (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) أى لتلاقن حالا بعد حال كل واحدة منها مطابقة لأختها فى الشدة والفظاعة وقيل الطبق جمع طبقة وهى المرتبة وهو الأوفق للركوب المنبىء عن الاعتلاء والمعنى لتركبن أحوالا بعد أحوال هى طبقات فى الشدة بعضها أرفع من بعض وهى الموت وما بعده من مواطن القيامة ودواهيها وقرىء لتركبن بالإفراد على خطاب الإنسان باعتبار اللفظ لا باعتبار شموله لأفراده كالقراءة الأولى وقرىء بكسر الباء على خطاب النفس وليركبن بالياء أى ليركبن الإنسان ومحل عن طبق النصب على أنه صفة لطبقا أى طبقا مجاوزا لطبق أو حال من الضمير فى لتركبن طبقا مجاوزين أو مجاورا أو مجاوزة على حسب القراءة والفاء فى قوله تعالى (فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) لترتيب ما بعدها من الإنكار والتعجيب على ما قبلها من أحوال القيامة وأهوالها الموجبة