(النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ (٥) إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ) (٦)
____________________________________
بمنزلة أولئك المعذبين ملعونون مثلهم أحقاء بأن يقال فيهم ما قد قيل فيهم وقرىء قتل بالتشديد والأخدود الخد فى الأرض وهو الشق ونحوهما بناء ومعنى الخق والأخقوق. روى عن النبى صلىاللهعليهوسلم أنه كان لبعض الملوك ساحر فلما كبر ضم إليه غلاما ليعلمه السحر وكان فى طريق الغلام راهب فسمع منه فرأى فى طريقه ذات يوم دابة قد حبست الناس قيل كانت الدابة أسدا فأخذ حجرا فقال اللهم إن كان الراهب أحب إليك من الساحر فاقتلها فقتلها فكان الغلام بعد ذلك يبرىء الأكمه والأبرص ويشفى من الأدواء وعمى جليس للملك فأبرأه فأبصره الملك فسأله من رد عليك بصرك فقال ربى فغضب فعذبه فدل على الغلام فعذبه فدل على الراهب فلم يرجع الراهب عن دينه فقد بالمنشار وأبى الغلام فذهب به إلى جبل ليطرح من ذروته فدعا فرجف بالقوم فطاحوا ونجا فذهب به إلى قرقور فلججوا به ليغرقوه فدعا فانكفأت بهم السفينة فغرقوا ونجا وقال للملك لست بقاتلى حتى تجمع الناس فى صعيد وتصلبنى على جذع وتأخذ سهما من كنانتى وتقول باسم الله رب الغلام ثم ترمينى به فرماه فوقع فى صدغه فوضع يده عليه ومات فقال الناس آمنا برب الغلام فقيل للملك نزل بك ما كنت تحذر فأمر بأخاديد فى أفواه السكك وأوقدت فيها النيران فمن لم يرجع منهم طرحه فيها حتى جاءت امرأة معها صبى فتقاسعت فقال الصبى يا أماه اصبرى فإنك على الحق فاقتحمت وقيل قال لها قعى ولا تنافقى ما هى إلا غمبضة فصبرت قيل أخرج الغلام من قبره فى خلافة عمر بن الخطاب رضى الله عنه وأصبعه على صدغه كما وضعها حين قتل وعن على رضى الله عنه أن بعض ملوك المجوس وقع على أخته وهو سكران فلما صحا ندم وطلب المخرج فقالت له المخرج أن تخطب بالناس فتقول إن الله قد أحل نكاح الأخوات ثم تخطبهم بعد ذلك إن الله قد حرمه فخطب فلم يقبلوا منه فقالت له أبسط فيهم السوط ففعل فلم يقبلوا فقالت أبسط فيهم السيف ففعل فلم يقبلوا فأمر بالأخاديد وإيقاد النار وطرح من أبى فيها فهم الذين أرادهم الله تعالى بقوله (قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ) وقيل وقع إلى نجران رجل ممن كان على دين عيسى عليهالسلام فدعاهم فأجابوه فسار إليهم ذو نواس اليهودى بجنود من حمير فخيرهم بين النار واليهودية فأبوا فأحرق منهم اثنى عشر ألفا فى الأخاديد وقيل سبعين ألفا وذكر أن طول الأخدود أربعون ذراعا وعرضه اثنا عشر ذراعا (النَّارِ) بدل اشتمال من الأخدود (ذاتِ الْوَقُودِ) وصف لها بغاية العظم وارتفاع اللهب وكثرة ما يوجبه من الحطب وأبدان الناس وقرىء الوقود بالضم وقوله تعالى (إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ) ظرف لقتل أى لعنوا حين احدقوا بالنار قاعدين حولها فى مكان مشرف عليها من حافات الأخدود كما فى قوله [وبات على النار الندى والمحلق].