(وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (٧) وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (٨) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٩) إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ (١٠) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ) (١١)
____________________________________
(وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ) أى يشهد بعضهم لبعض عند الملك بأن أحدا لم يقصر فيما أمر به أو أنهم شهود يشهدون بما فعلوا بالمؤمنين يوم القيامة يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وقيل على بمعنى مع والمعنى وهم مع ما يفعلون بالمؤمنين من العذاب حضور لا يرقون لهم لغاية قسوة قلوبهم هذا هو الذى يستدعيه النظم الكريم وتنطق به الروايات المشهورة وقد روى أن الجبابرة لما ألقوا المؤمنين فى النار وهم قعود حولها علقت بهم النار فأحرقتهم ونجى الله عزوجل المؤمنين منها سالمين وإلى هذا القول ذهب الربيع بن أنس والواحدى وعلى ذلك حملا قوله تعالى (وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ) (وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ) أى ما أنكروا منهم وما عابوا (إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) استئناف مفصح عن براءتهم* عما يعاب وينكر بالكلية على منهاج قوله [ولا عيب فيهم غير أن ضيوفهم * تلام بنسيان الأحبة والوطن] ووصفه تعالى بكونه عزيزا غالبا يخشى عقابه وحميدا منعما يرجى ثوابه وتأكيد ذلك بقوله تعالى (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) للإشعار بمناط إيمانهم وقوله تعالى (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) وعد لهم ووعيد شديد لمعذبيهم فإن علمه تعالى بجميع الأشياء التى من جملتها أعمال الفريقين يستدعى توفير جزاء كل منهما حتما (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) أى محنوهم فى دينهم ليرجعوا عنه والمراد بهم إما أصحاب الأخدود خاصة وبالمفتونين المطرحون فى الأخدود وأما الذين بلوهم فى ذلك بالأذية والتعذيب على الإطلاق وهم داخلون فى جملتهم دخولا أوليا (ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا) أى عن كفرهم* وفتنتهم فإن ما ذكر من الفتنة فى الدين لا يتصور من غير الكافر قطعا وقوله تعالى (فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ) * جملة وقعت خبرا لأن أو الخبر لهم وعذاب مرتفع به على الفاعلية وهو الأحسن والفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط ولا ضير فى نسخه بأن وإن خالف الأخفش والمعنى لهم فى الآخرة عذاب جهنم بسبب كفرهم (وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ) وهى نار أخرى عظيمة بسبب فتنتهم للمؤمنين (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا