(أَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ (١٤) إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٥) سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (١٦) إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ (١٧) وَلا يَسْتَثْنُونَ (١٨) فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نائِمُونَ) (١٩)
____________________________________
(أَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ) متلعق بقوله تعالى (لا تُطِعْ) أى لا تطع من هذه مثالبه لأن كان متمولا مستظهرا بالبنين وقوله تعالى (إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) استئناف جار مجرى التعليل للنهى وقيل متعلق بما دل عليه الجملة الشرطية من معنى الجحود والتكذيب لا بجواب الشرط لأن ما بعد الشرط لا يعمل فيما قبله كأنه قيل لكونه مستظهرا بالمال والبنين كذب بآياتنا وفيه أنه بدل أن مدار تكذيبه كونه ذا مال وبنين من غير أن يكون لسائر قبائحه دخل فى ذلك وقرىء أأن كان على معنى ألأن كان ذا مال كذب بها أو أتطيعه لأن كان ذا مال وقرىء إن كان بالكسر والشرط للمخاطب أى لا تطع كل حلاف شارطا يساره لأن إطاعة الكافر لغناه بمنزلة اشتراط غناه فى الطاعة (سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ) بالكى على أكرم مواضعه لغاية إهانته وإذلاله قيل أصاب أنف الوليد جراحة يوم بدر فبقيت علامتها وقيل معناه سنعلمه يوم القيامة بعلامة مشوهة يعلم بها عن سائر الكفرة (إِنَّا بَلَوْناهُمْ) أى أهل مكة بالقحط* بدعوة رسول الله صلىاللهعليهوسلم (كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ) وهم قوم من أهل الصلاة كانت لأبيهم هذه الجنة دون صنعاء بفرسخين فكان يأخذ منها قوت سنة ويتصدق بالباقى وكان ينادى الفقراء وقت الصرام ويترك لهم ما أخطأه المنجل وما فى أسفل الأكداس وما أخطأه القطاف من العنب وما بقى على البساط الذى يبسط تحت النخلة إذا صرمت فكان يجتمع لهم شىء كثير فلما مات أبوهم قال بنوه* إن فعلنا ما كان يفعل أبونا ضاق علينا الأمر فحلفوا فيما بينهم وذلك قوله تعالى (إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ) ليقطعنها داخلين فى الصباح (وَلا يَسْتَثْنُونَ) أى لا يقولون إن شاء الله وتسميته استثناء مع أنه شرط من حيث إن مؤداه مؤدى الاستثناء فإن قولك لأخرجن إن شاء الله ولا أخرج إلا أن يشاء الله بمعنى واحد أو ولا يستثنون حصة المساكين كما كان يفعله أبوهم والجملة مستأنفة (فَطافَ عَلَيْها) أى على الجنة (طائِفٌ) بلاء طائف وقرىء طيف (مِنْ رَبِّكَ) مبتدأ من جهته تعالى (وَهُمْ نائِمُونَ) غافلون عما جرت به المقادير.