(وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (٩) وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ (١٠) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (١١) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (١٢) عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ) (١٣)
____________________________________
تهييج وإلهاب للتصميم على معاصاتهم أى دم على ما أنت عليه من عدم طاعتهم وتصلب فى ذلك أو نهى عن مداهنتهم ومداراتهم بإظهار خلاف ما فى ضميره صلىاللهعليهوسلم استجلابا لقلوبهم لا عن طاعتهم كما ينبىء عنه قوله تعالى (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ) فإنه تعليل للنهى أو الانتهاء وإنما عبر عنها بالطاعة للمبالغة فى الزجر والتنفير أى أحبوا لو تلاينهم وتسامحهم فى بعض الأمور (فَيُدْهِنُونَ) أى فهم يدهنون حينئذ* أو فهم الآن يدهنون طمعا فى إدهانك وقيل هو معطوف على تدهن داخل فى حيز لو والمعنى ودوا لو يدهنون عقيب إدهانك ويأباه ما سيأتى من بدئهم بالإدهان على إدهانهم أمر محقق لا يناسب إدخاله تحت التمنى وأيا ما كان فالمعتبر فى جانبهم حقيقة الإدهان الذى هو إظهار الملاينة وإضمار خلافها وأما فى جانبه صلىاللهعليهوسلم فالمعتبر بالنسبة إلى ودادتهم هو إظهار الملاينة فقط وأما إضمار خلافها فليس فى حيز الاعتبار بل هم فى غاية الكراهة له وإنما اعتباره بالنسبة إليه صلىاللهعليهوسلم وفى بعض المصاحف فيدهنوا على أنه جواب التمنى المفهوم من ودوا أو أن ما بعده حكاية لودادتهم وقيل على أنه عطف على تدهن بناء على أن لو بمنزلة أن الناصبة فلا يكون لها جواب وينسبك منها ومما بعدها مصدر يقع مفعولا لودوا كأنه قيل ودوا أن تدهن فيدهنوا وقيل لو على حقيقتها وجوابها محذوف وكذا مفعول ودوا أى ودوا إدهانك لو تدهن فيدهنون لسروا بذلك (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ) كثير الحلف فى الحق والباطل تقديم هذا الوصف على سائر الأوصاف الزاجرة عن الطاعة لكونه أدخل فى الزجر (مَهِينٍ) حقير الرأى والتدبير (هَمَّازٍ) عياب طعان (مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ) مضرب نقال للحديث من قوم إلى قوم على وجه السعاية والإفساد بينهم فإن النميم والنميمة السعاية (مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ) أى بخيل أو مناع للناس من الخير الذى هو الإيمان والطاعة والإنفاق (مُعْتَدٍ) متجاوز فى الظلم (أَثِيمٍ) كثير الآثام* (عُتُلٍّ) جاف غليظ من عتله إذا قاده بعنف وغلظة (بَعْدَ ذلِكَ) بعد ما عد من مثالبه (زَنِيمٍ) دعى مأخوذ من الزنمة وهى الهنة من جلد الماعزة تقطع فتخلى متدلية فى حلقها وفى قوله تعالى بعد ذلك دلالة على أن دعوته أشد معايبه وأقبح قبائحه قيل هو الوليد بن المغيرة فإنه كان دعيا فى قريش وليس من سنخهم ادعاه المغيرة بعد ثمانى عشرة من مولده وقيل هو الأخنس بن شريق أصله من ثقيف وعداده فى زهرة