(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ (٦) إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ) (٧)
____________________________________
بها والتذكير بتأويل ما ذكر كما مر تحقيقه أو إلى الإقسام بها وأيا ما كان فما فيه من معنى البعد للإيذان بعلو رتبة المشار إليه وبعد منزلته فى الشرف والفضل أى هل فيما ذكر من الأشياء قسم أى مقسم* به (لِذِي حِجْرٍ) يراه حقيقا بأن يقسم به إجلالا وتعظيما والمراد تحقيق أن الكل كذلك وإنما أوثرت هذه الطريقة هضما للخلق وإيذانا بظهور الأمر أو هل فى إقسامى بتلك الأشياء إقسام لذى حجر مقبول عنده يعتد به ويفعل مثله ويؤكد به المقسم عليه والحجر العقل لأنه يحجر صاحبه أى يمنعه من التهافت فيما لا ينبغى كما سمى عقلا ونهية لأنه يعقل وينهى وحصاة أيضا من الإحصاء وهو الضبط قال الفراء يقال إنه لذو حجر إذا كان قاهرا لنفسه ضابطا لها والمقسم عليه محذوف وهو ليعذبن كما ينبىء عنه قوله تعالى (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ) الخ فإنه استشهاد بعلمه عليه الصلاة والسلام بما يدل عليه من تعذيب عاد وأضرابهم المشاركين لقومه عليه الصلاة والسلام فى الطغيان والفساد على طريقة قوله تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ) الآية وقوله تعالى (أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ) كأنه قيل ألم تعلم علما يقينيا كيف عذب ربك عادا ونظائرهم فيعذب هؤلاء أيضا لاشتراكهم فيما يوجبه من الكفر والمعاصى والمراد بعاد أولاد عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح عليهالسلام قوم هود عليهالسلام سموا باسم أبيهم كما سمى بنو هاشم هاشما وقد قيل لأوائلهم عاد الأولى ولأواخرهم عاد الآخرة قال عماد الدين بن كثير كل ما ورد فى القرآن خبر عاد الأولى إلا ما فى سورة الأحقاف وقوله تعالى (إِرَمَ) عطف بيان لعاد للإيذان بأنهم عاد الأولى بتقدير مضاف أى سبط إرم أو أهل إرم على ما قبل من أن إرم اسم بلدتهم أو أرضهم التى كانوا فيها ويؤيده القراءة بالإضافة وأيا ما كان فامتناع* صرفها للتعريف والتأنيث وقرىء إرم بإسكان الراء تخفيفا كما قرىء بورقكم (ذاتِ الْعِمادِ) صفة لإرم أى ذات القدود الطوال على تشبيه قاماتهم بالأعمدة ومنه قولهم رجل عمد وعمدان إذا كان طويلا أو ذات الخيام والأعمدة حيث كانوا بدويين أهل عمد أو ذات البناء الرفيع أو ذات الأساطين على أن إرم اسم بلدتهم وقرىء إرم ذات العماد بإضافة إرم إلى ذات العماد والإرم العلم أى بعاد أهل أعلام ذات العماد على أنها اسم بلدتهم وقرىء أرم ذات العماد أى جعلها الله تعالى رميما بدل من فعل ربك وقيل هى جملة دعائية اعترضت بين الموصوف والصفة وروى أنه كان لعاد ابنان شديد وشداد فملكا وقهرا ثم مات شديد وخلص الأمر لشداد فملك الدنيا ودانت له ملوكها فسمع بذكر الجنة فقال أبنى مثلها فبنى إرم فى بعض صحارى عدن فى ثلثمائة سنة وهى مدينة عظيمة قصورها من الذهب والفضة وأساطينها من الزبر جد والياقوت وفيها أصناف الأشجار والأنهار المطردة ولما تم بناؤها سار إليها أهل مملكته فلما كان منها على مسيرة يوم وليلة بعث الله تعالى عليهم صيحة من السماء فهلكوا وعن عبد الله بن قلابة