(الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ (٨) وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ (٩) وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ (١٠) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ (١١) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ (١٢) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ) (١٣)
____________________________________
أنه خرج فى طلب إبل له فوقع عليها فحمل ما قدر عليه مما ثمة وبلغ خبره معاوية فاستحضره فقص عليه فبعث إلى كعب فسأله فقال هى إرم ذات العماد وسيدخلها رجل من المسلمين فى زمانك أحمر أشقر قصير على حاجبه خال وعلى عقبه خال يخرج فى طلب إبل له ثم التفت إلى ابن قلابة فقال هذا والله ذلك الرجل (الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ) صفة أخرى لإرم أى لم يخلق مثلهم فى عظم الأجرام والقوة حيث كان طول الرجل منهم أربعمائة ذراع وكان يأتى الصخرة العظيمة فيحملها ويلقيها على الحى فيهلكهم أو لم يخلق مثل مدينة شداد فى جميع بلاد الدنيا وقرىء لم يخلق على إسناده إلى الله تعالى (وَثَمُودَ) عطف على عاد وهى قبيلة مشهورة سميت باسم جدهم ثمود أخى جديس وهما ابنا عامر بن إرم بن سام بن نوح عليهالسلام وكانوا عربا من العاربة يسكنون الحجر بين الحجاز وتبوك وكانوا يعبدون الأصنام كعاد (الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ) أى قطعوا صخر الجبال فاتخذوا فيها بيوتا نحتوها من الصخر* كقوله تعالى (وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً) قيل هم أول من نحت الجبال والصخور والرخام وقد بنوا ألفا وسبعمائة مدينة كلها من الحجارة (وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ) وصف بذلك لكثرة جنوده وخيامهم التى يضربونها فى منازلهم أو لتعذيبه بالأوتاد (الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ) إما مجرور على أنه صفة للمذكورين أو منصوب أو مرفوع على الذم أى طغى كل طائفة منهم فى بلادهم وكذا الكلام فى قوله تعالى (فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ) أى بالكفر وسائر المعاصى (فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ) أى أنزل إنزالا شديدا على كل طائفة من أولئك الطوائف عقيب ما فعلته من الطغيان والفساد (سَوْطَ عَذابٍ) أى عذاب* شديد لا يدرك غايته وهو عبارة عما حل بكل منهم من فنون العذاب التى شرحت فى سائر السور الكريمة وتسميته سوطا للإشارة إلى أن ذلك بالنسبة إلى ما أعد لهم فى الآخرة بمنزلة السوط عند السيف والتعبير عن إنزاله بالصب للإيذان بكثرته واستمراره وتتابعه فإنه عبارة عن إراقة شىء مائع أو جار مجراه فى السيلان كالرمل والحبوب وإفراغه بشدة وكثرة واستمرار ونسبته إلى السوط مع أنه ليس من ذلك القبيل باعتبار تشبيهه فى نزوله المتتابع المتدارك على المضروب بقطرات الشىء المصبوب وقيل السوط