(وَلا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ (١٨) وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلاً لَمًّا (١٩) وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا (٢٠) كَلاَّ إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (٢١) وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢) (وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى) (٢٣)
____________________________________
معنى الإنسان إذ المراد هو الجنس أى بل لكم أحوال أشد شرا مما ذكر وأدل على تهالككم على المال حيث يكرمكم الله تعالى بكثرة المال فلا تؤدون ما يلزمكم فيه من إكرام اليتيم بالمبرة به وقرىء لا يكرمون (وَلا تَحَاضُّونَ) بحذف إحدى التاءين من تتحاضون أى لا يحض بعضكم بعضا (عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ) أى على إطعامه وقرىء تحاضون من المحاضة وقرىء يحضون بالياء والتاء (وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ) أى الميراث وأصله وارث (أَكْلاً لَمًّا) أى ذا لم أى جمع بين الحلال والحرام فإنهم كانوا لا يورثون* النساء والصبيان ويأكلون أنصباءهم أو يأكلون ما جمعه المورث من حلال وحرام عالمين بذلك (وَتُحِبُّونَ الْمالَ حُبًّا جَمًّا) كثيرا مع حرص وشره وقرىء يحبون بالياء (كَلَّا) ردع لهم عن ذلك وقوله تعالى (إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا) الخ استئناف جىء به بطريق الوعيد تعليلا للردع أى إذا دكت الأرض* دكا متتابعا حتى انكسر وذهب كل ما على وجهها من جبال وأبنيه وقصور حين زلزلت وصارت هباء منبثا وقيل الدك حط المرتفع بالبسط والتسوية فالمعنى إذا سويت تسوية بعد تسوية ولم يبق على وجهها شىء حتى صارت كالصخرة الملساء وأيا ما كان فهو عبارة عما عرض لها عند النفخة الثانية (وَجاءَ رَبُّكَ) أى ظهرت آيات قدرته وآثار قهره مثل ذلك بما يظهر عند حضور السلطان من أحكام هيبته وسياسته وقيل جاء أمره تعالى وقضاؤه على حذف المضاف للتهويل (وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) أى مصطفين أو ذوى* صفوف فإنه ينزل يومئذ ملائكة كل سماء فيصطفون صفا بعد صف بحسب منازلهم ومراتبهم محدقين بالجن والإنس (وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ) كقوله تعالى (وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ) قال ابن مسعود ومقاتل تقاد جهنم بسبعين ألف زمام كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها حتى تنصب عن يسار العرش لها تغيظ وزفير وقد رواه مسلم فى صحيحه عن ابن مسعود مرفوعا (يَوْمَئِذٍ) بدل من إذا دكت والعامل فيهما قوله تعالى* (يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ) أى يتذكر ما فرط فيه بتفاصيله بمشاهدة آثاره وأحكامه أو بمعاينة عينه على أن* الأعمال تتجسم فى النشأة الآخرة فيبرز كل من الحسنات والسيئات بما يناسبها من الصور الحسنة