(لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ (٤) أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (٥) يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً (٦) أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (٧) أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (٨) وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ (٩) وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ (١٠) فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) (١١)
____________________________________
وقيل آدم عليهالسلام ونسله وهو أنسب لمضمون الجواب من حيث شموله للكل إلا أن التفخيم المستفاد من كلمة ما لا بد فيه من اعتبار التغليب وقيل وكل والد وولده (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ) أى تعب ومشقة فإنه لا يزال يقاسى فنون الشدائد من وقت نفخ الروح إلى نزعها وما وراءه يقال كبد الرجل كبدا إذا وجعت كبده وأصله كبده إذا أصاب كبده ثم اتسع فيه حتى استمع فى كل نصب ومشقة ومنه اشتقت المكابدة كما قيل كبته بمعنى أهلكه وهو تسلية لرسول الله صلىاللهعليهوسلم مما كان يكابده من كفار قريش والضمير فى قوله تعالى (أَيَحْسَبُ) لبعضهم الذى كان عليه الصلاة والسلام يكابد منهم ما يكابد كالوليد بن المغيرة وأضرابه وقيل هو أبو الأشد بن كلدة الجمحى وكان شديد القوة مغترا بقوته وكان يبسط له الأديم العكاظى فيقوم عليه ويقول من أزالنى عنه فله كذا فيجذبه عشرة فيتقطع قطعا ولا تزل قدماه أى أيظن هذا القوى المارد المتضعف للمؤمنين (أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ) * أن مخففة من أن واسمها الذى هو ضمير الشأن محذوف أى أيحسب أنه لن يقدر على الانتقام منه أحد (يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً) يريد كثرة ما أنفقه فيما كان أهل الجاهلية يسمونها مكارم ويدعونها معالى ومفاخر (أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ) حين كان ينفق وأنه تعالى لا يسأله عنه ولا يجازيه عليه (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ) يبصر بهما (وَلِساناً) يترجم به عن ضمائره (وَشَفَتَيْنِ) يستر بهما فاه ويستعين بهما على النطق والأكل والشرب وغيرها (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) أى طريقى الخير والشر أو الثديين وأصل النجد المكان المرتفع (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) أى فلم يشكر تلك النعم الجليلة بالأعمال الصالحة وعبر عنها