(اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ (٥) كَلاَّ إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) (٧)
____________________________________
وأقدم الدلائل الدالة على وجوده عزوجل وكمال قدرته وعلمه وحكمته وصف ذاته تعالى بذلك أولا ليستشهد عليهالسلام به على تمكينه تعالى له من القراءة ثم كرر الأمر بقوله تعالى (اقْرَأْ) أى افعل* ما أمرت به تأكيدا للإيجاب وتمهيدا لما يعقبه من قوله تعالى (وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ) الخ فإنه كلام مستأنف وارد لإزاحة ما بينه عليهالسلام من العذر بقوله عليهالسلام ما أنا بقارىء يريد أن القراءة شأن من يكتب ويقرأ وأنا أمى فقيل له وربك الذى أمرك بالقراءة مبتدئا باسمه هو الأكرم (الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ) أى علم ما علم بواسطة القلم لا غيره فكما علم القارىء بواسطة الكتابة والقلم يعلمك بدونهما وقوله تعالى (عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) بدل اشتمال من علم بالقلم أى علمه به وبدونه من الأمور الكلية والجزئية والجلية والخفية ما لم يخطر بباله وفى حذف المفعول أولا وإيراده بعنوان عدم المعلومية ثانيا من الدلالة على كمال قدرته تعالى وكمال كرمه والإشعار بأنه تعالى يعلمه من العلوم ما لا تحيط به العقول ما لا يخفى (كَلَّا) ردع لمن كفر بنعمة الله تعالى بطغيانه وإن لم يسبق ذكره للمبالغة فى الزجر وقوله تعالى* (إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى) أى ليجاوز الحد ويستكبر على ربه بيان للمردوع والمردوع عنه قيل هذا إلى آخر السورة نزل فى أبى جهل بعد الزمان وهو الظاهر وقوله تعالى (أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) مفعول له أى يطغى لأن رأى نفسه مستغنيا على أن استغنى مفعول ثان لرأى لأنه بمعنى علم ولذلك ساغ كون فاعله ومفعوله ضميرى واحد كما فى علمتنى وإن جوزه بعضهم فى الرؤية البصرية أيضا وجعل من ذلك فول عائشة رضى الله عنها لقد رأيتنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم وما لنا طعام إلا الأسودان وتعليل طغيانه برؤيته لا بنفس الاستغناء كما ينبىء عنه قوله تعالى (وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ) للإيذان بأن مدار طغيانه زعمه الفاسد. روى أن أبا جهل قال لرسول الله صلىاللهعليهوسلم أتزعم أن من استغنى طغى فاجعل لنا جبال مكة فضة وذهبا لعلنا نأخذ منها فنطغى فندع ديننا ونتبع دينك فنزل عليه جبريل عليهالسلام فقال إن شئت فعلنا ذلك ثم إن لم يؤمنوا فعلنا بهم ما فعلنا بأصحاب المائدة فكف رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن الدعاء إبقاء عليهم وقوله تعالى :