(كَلاَّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ (١٥) ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ (١٦) فَلْيَدْعُ نادِيَهُ (١٧) سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ) (١٨)
____________________________________
بها حتى أجترأ على ما فعل وإنما أفرد التكذيب والتولى بشرطية مستقلة مقرونة بالجواب مصدرة باستخبار مستأنف ولم ينظما فى سلك الشرط الأول بعطفهما على كان للإيذان باستقلالهما بالوقوع فى نفس الأمر واستتباع الوعيد الذى ينطق به الجواب وأما القسم الأول فأمر مستحيل قد ذكر فى حيز الشرط لتوسيع الدائرة وهو السر فى تجريد الشرطية الأولى عن الجواب والإحالة به على جواب الثانية هذا وقد قيل أرأيت الأول بمعنى أخبرنى مفعوله الأول الموصول ومفعوله الثانى الشرطية الأولى بجوابها المحذوف لدلالة جواب الشرطية الثانية عليه وأرأيت فى الموضعين تكرير للتأكيد ومعناه أخبرنى عمن ينهى بعض عباد الله عن صلاته إن كان ذلك الناهى على طريقة سديدة فيما ينهى عن عبادة الله تعالى أو كان آمرا بالمعروف والتقوى فيما يأمر به من عبادة الأوثان كما يعتقده وكذلك إن كان على التكذيب للحق والتولى عن الدين الصحيح كما نقول نحن ألم يعلم بأن الله يرى ويطلع على أحواله من هداه وضلاله فيجازيه على حسب ذلك فتأمل وقيل المعنى أرأيت الذى ينهى عبدا يصلى والمنهى عن الهدى آمر بالتقوى والناهى مكذب متول فما أعجب من ذا وقيل الخطاب الثانى للكافر فإنه تعالى كالحاكم الذى حضره الخصمان يخاطب هذا مرة والآخر أخرى وكأنه قال يا كافر أخبرنى إن كان صلاته هدى ودعاؤه إلى الله تعالى أمرا بالتقوى أتنهاه وقيل هو أمية بن خلف كان ينهى سلمان عن الصلاة (كَلَّا) ردع للناهى اللعين وخسوء له واللام فى قوله تعالى (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ) * موطئة للقسم أى والله لئن لم ينته عما هو عليه ولم ينزجر (لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ) لنأخذن بناصيته ولنسحبنه بها إلى النار والسفع القبض على الشىء وجذبه بعنف وشدة وقرىء لنسفعن بالنون المشددة وقرىء لأسفعن وكتبته فى المصحف بالألف على حكم الوقف والاكتفاء بلام العهد عن الإضافة لظهور أن المراد ناصية المذكور (ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ) بدل من الناصية وإنما جاز إبدالها من المعرفة وهى نكرة لوصفها وقرئت بالرفع على هى ناصية وبالنصب وكلاهما على الذم والشتم ووصفها بالكذب والخطأ على الإسناد المجازى وهما لصاحبها وفيه من الجزالة ما ليس فى قولك ناصية كاذب المخطىء (فَلْيَدْعُ نادِيَهُ) أى أهل ناديه ليعينوه وهو المجلس الذى ينتدى فيه القوم أى يجتمعون. روى أن أبا جهل مر برسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو يصلى فقال ألم أنهك فأغلظ له رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال أتهددنى وأنا أكثر أهل الوادى ناديا فنزلت (سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ) ليجروه إلى النار والزبانية