(فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً (٥) إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً (٦) وَنَراهُ قَرِيباً (٧) يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ) (٨)
____________________________________
* عليهالسلام إنى ذاهب إلى ربى أى إلى حيث أمرنى به (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) مما يعده الناس وهو بيان لغاية ارتفاع تلك المعارج وبعد مداها على منهاج التمثيل والتخييل والمعنى أنها من الارتفاع بحيث لو قدر قطعها فى زمان لكان ذلك الزمان مقدار خمسين ألف سنة من سنى الدنيا وقيل معناه تعرج الملائكة والروح إلى عرشه تعالى فى يوم كان مقداره كمقدار خمسين ألف سنة أى يقطعون فى يوم ما يقطعه الإنسان فى خمسين ألف سنة لو فرض ذلك وقيل فى يوم متعلق بواقع وقيل بسأل على تقدير كونه من السيلان فالمراد به يوم القيامة واستطالته إما لأنه كذلك فى الحقيقة أو لشدته على الكفار أو لكثرة ما فيه من الحالات والمحاسبات وأيا ما كان فذلك فى حق الكافر وأما فى حق المؤمن فلا لما روى أبو سعيد الخدرى رضى الله عنه أنه قيل لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ما أطول هذا اليوم فقال عليه الصلاة والسلام والذى نفسى بيده إنه ليخف على المؤمن حتى أنه يكون أخف من صلاة مكتوبة يصليها فى الدنيا وقوله تعالى (فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً) متعلق بسأل لأن السؤال كان عن استهزاء وتعنت وتكذيب بالوحى وذلك مما يضجره عليه الصلاة والسلام أو كان عن تضجر واستبطاء للنصر أو بسأل سائل أو سال سيل فمعناه جاء العذاب لقرب وقوعه فقد شارفت الانتقام (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ) أى العذاب الواقع أو يوم القيامة على تقدير تعلق فى يوم بواقع (بَعِيداً) أى يستبعدونه بطريق الإحالة فلذلك يسألون به (وَنَراهُ قَرِيباً) هينا فى قدرتنا غير بعيد علينا ولا متعذر على أن البعد والقرب معتبران بالنسبة إلى الإمكان والجملة تعليل للأمر بالصبر وقوله تعالى (يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ) متعلق بقريبا أى يمكن ولا يعتذر فى ذلك اليوم أو بمضمر دل عليه واقع أو بمضمر مؤخر أى يوم تكون السماء كالمهل الخ يكون من الأحوال والأهوال ما لا يوصف أو بدل من فى يوم على تقدير تعلقه بواقع هذا ما قالوا ولعل الأقرب أن قوله تعالى (سَأَلَ سائِلٌ) حكاية لسؤالهم المعهود على طريقة قوله تعالى (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ) وقوله تعالى (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ) ونحوهما إذ هو المعهود بالوقوع على الكافرين لا ما دعا به النضر أو أبو جهل الفهرى فالسؤال بمعناه والباء بمعنى عن كما فى قوله تعالى (فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً) وقوله تعالى (لَيْسَ لَهُ دافِعٌ) الخ استئناف مسوق لبيان وقوع المسؤل عنه لا محالة وقوله تعالى (فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً) مترتب عليه وقوله تعالى (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَراهُ قَرِيباً) تعليل للأمر بالصبر كما ذكر وقوله تعالى (يَوْمَ تَكُونُ) الخ متعلق بليس له دافع أو بما يدل هو عليه أى يقع يوم تكون السماء