(نَزَّاعَةً لِلشَّوى (١٦) تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (١٧) وَجَمَعَ فَأَوْعى (١٨) إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً (١٩) إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (٢٠) وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (٢١) إِلاَّ الْمُصَلِّينَ (٢٢) الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ (٢٣) وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ) (٢٤)
____________________________________
الخبر الذى هو قوله تعالى (لَظى) وهى علم للنار منقول من اللظى بمعنى اللهب (نَزَّاعَةً لِلشَّوى) نصب على الاختصاص أو حال مؤكدة والشوى الأطراف أو جمع شواة وهى جلدة الرأس وقرىء نزاعة بالرفع على أنه خبر ثان لأن أو هو الخبر ولظى بدل من الضمير أو الضمير للقصة ولظى مبتدأ ونزاعة خبره (تَدْعُوا) أى تجذب وتحضر وقيل تدعو وتقول لهم إلى إلى يا كافر يا منافق وقيل تدعو المنافقين* والكافرين بلسان فصيح ثم تلتقطهم التقاط الحب وقيل تدعو تهلك وقيل تدعو زبانيتها (مَنْ أَدْبَرَ) أى عن الحق (وَتَوَلَّى) أعرض عن الطاعة (وَجَمَعَ فَأَوْعى) أى جمع المال فجعله فى وعاء وكنزه ولم يؤد زكاته وحقوقه وتشاغل به عن الدين وزهى باقتنائه حرصا وتأميلا (إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً) الهلع سرعة الجزع عند مس المكروه وسرعة المنع عند مس الخير وقد فسره أحسن تفسير قوله تعالى (إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ) أى الفقر والمرض ونحوهما (جَزُوعاً) أى مبالغا فى الجزع مكثرا منه (وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ) أى السعة والصحة (مَنُوعاً) مبالغا فى المنع والإمساك والأوصاف الثلاثة أحوال مقدرة أو محققة لأنها طبائع جبل الإنسان عليها وإذا الأولى ظرف لجزوعا والثانية لمنوعا (إِلَّا الْمُصَلِّينَ) استثناء للمتصفين بالنعوت الجليلة الآتية من المطبوعين على القبائح الماضية لأنباء نعوتهم عن الاستغراق فى طاعة الحق والإشفاق على الخلق والإيمان بالجزاء والخوف من العقوبة وكسر الشهوة وإيثار الآجل على العاجل على خلاف القبائح المذكورة الناشئة من الانهماك فى حب العاجل وقصر النظر عليه (الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ) لا يشغلهم عنها شاغل (وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ) أى نصيب معين يستوجبونه