(لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجاً (٢٠) قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَساراً (٢١) وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً (٢٢) وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً (٢٣) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلالاً) (٢٤)
____________________________________
عند وروده لها فضل تمكن (لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجاً) أى طرقا واسعة جمع فج وهو الطريق الواسع وقيل هو المسلك بين الجبلين ومن متعلقة بما قبلها لما فيه من معنى الاتخاذ أو بمضمر هو حال من سبلا أى كائنة من الأرض ولو تأخر لكان صفة لها (قالَ نُوحٌ) أعيد لفظ الحكاية لطول العهد بحكاية* مناجاته لربه أى قال مناجيا له تعالى (رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي) أى تموا على عصيانى فيما أمرتهم به مع ما بالغت* فى إرشادهم بالعظة والتذكير (وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً) أى واستمروا على اتباع رؤسائهم الذين أبطرتهم أموالهم وغرتهم أولادهم وصار ذلك سببا لزيادة خسارهم فى الآخرة فصاروا أسوة لهم فى الخسار وفى وصفهم بذلك إشعار بأنهم إنما اتبعوهم لو جاهتهم الحاصلة لهم بسبب الأموال والأولاد لا لما شاهدوا فيهم من شبهة مصححة للاتباع فى الجملة وقرىء وولده بالضم والسكون على أنه لغة كالحزن أو جمع كالأسد (وَمَكَرُوا) عطف على صلة من والجمع باعتبار معناها كما أن الإفراد* فى الضمائر الأول باعتبار لفظها (مَكْراً كُبَّاراً) أى كبيرا فى الغاية وقرىء بالتخفيف والأول أبلغ منه وهو أبلغ من الكبير وذلك احتيالهم فى الدين وصدهم للناس عنه وتحريثهم لهم فى أذية نوح عليه السلام (وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ) أى لا تتركوا عبادتها على الإطلاق إلى عبادة رب نوح (وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ) (وَيَعُوقَ وَنَسْراً) أى ولا تذرن عبادة هؤلاء خصوها بالذكر مع اندراجها فيما سبق لأنها كانت أكبر أصنامهم وأعظمها عندهم وقد انتقلت هذه الأصنام عنهم إلى العرب ود لكلب وسواع لهمدان ويغوث لمذحج ويعوق لمراد ونسر لحمير وقيل هى أسماء رجال صالحين كانوا بين آدم ونوح وقيل من أولاد آدم عليهالسلام ماتوا فقال إبليس لمن بعدهم لو صورتم صورهم فكنتم تنظرون إليهم وتتبركون بهم ففعلوا فلما مات أولئك قال لمن بعدهم إنهم كانوا يعبدونهم فعبدوهم وقيل كان ود على صورة رجل وسواع على صورة امرأة ويغوث على صورة أسد ويعوق على صورة فرس ونسر على صورة نسر وقرىء ودا بضم الواو ويغوثا ويعوقا للتناسب ومنع صرفهما للعجمة والعلمية (وَقَدْ أَضَلُّوا) أى الرؤساء (كَثِيراً) خلقا كثيرا أو الأصنام كقوله تعالى (رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ) * (وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالاً) عطف على قوله تعالى (رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي) على حكاية كلام نوح بعد قال