(أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً (١٥) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً (١٦) وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً (١٧) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً (١٨) وَاللهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً) (١٩)
____________________________________
وفى قوله ولله بيان للموقر ولو تأخر لكان صلة للوقار من التناقض ما لا يخفى فإن كونه بيانا للموقر يقتضى أن يكون التوقير صادرا عنه تعالى والوقار وصفا للمخاطبين وكونه صلة للوقار يوجب كون الوقار وصفا له تعالى وقيل ما لكم لا تخافون لله عظمة وقدرة على أخذكم بالعقوبة أى أى عذر لكم فى ترك الخوف منه تعالى وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما ما لكم لا تخشون لله عقابا ولا ترجون منه ثوابا وعن مجاهد والضحاك ما لكم لا تبالون لله عظمة قال قطرب هى لغة حجازية يقولون لم أرج أى لم أبال وقوله تعالى (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً) أى متطابقة بعضها فوق بعض (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً) أى منورا لوجه الأرض فى ظلمة الليل ونسبته إلى الكل مع أنه فى السماء الدنيا لما أنها محاطة بسائر السموات فما فيها يكون فى الكل أو لأن كل واحدة منها شفافة لا تحجب ما وراءها فيرى الكل كأنها سماء واحدة ومن ضرورة ذلك أن يكون ما فى واحدة منها كأنه فى الكل (وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً) يزيل ظلمة الليل ويبصر أهل الدنيا فى ضوئها وجه الأرض* ويشاهدون الآفاق كما يبصر أهل البيت فى ضوء السراج ما يحتاجون إلى إبصاره وليس القمر بهذه المثابة إنما هو نور فى الجملة (وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً) أى أنشأكم منها فاستعير الإنبات للإنشاء لكونه أدل على الحدوث والتكون من الأرض ونباتا إما مصدر مؤكد لأنبتكم بحذف الزوائد ويسمى اسم مصدر أو لما يترتب عليه من فعله أى أنبتكم من الأرض فنبتم نباتا ويجوز أن يكون الأصل أنبتكم من الأرض إنباتا فنبتم نباتا فيحذف من الجملة الأولى المصدر ومن الثانية الفعل اكتفاء فى كل منهما بما ذكر فى الأخرى كما مر فى قوله تعالى (أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى) وقوله تعالى (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ) (ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها) بالدفن عند موتكم (وَيُخْرِجُكُمْ) منها عند البعث والحشر (إِخْراجاً) محققا لا ريب فيه (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً) تتقلبون عليها تقلبكم على بسطكم فى بيوتكم وتوسيط لكم بين الجعل ومفعوليه مع أن حقه التأخير لما مر مرارا من الاهتمام ببيان كون المجعول من منافعهم والتشويق إلى المؤخر فإن النفس عند تأخير ما حقه التقديم لا سيما عند كون المقدم ملوحا بكونه من المنافع تبقى مترقبة له فيتمكن