(فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً (١٠) يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً (١١) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً (١٢) ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً (١٣) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً) (١٤)
____________________________________
أو هو صفة لمصدر أى دعوتهم دعاء جهارا أى مجاهرا به أو مصدر فى موقع الحال أى مجاهرا (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ) بالتوبة عن الكفر والمعاصى (إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً) للتائبين كأنهم تعللوا وقالوا إن كنا على الحق فكيف نتركه وإن كنا على الباطل فكيف يقبلنا بعد ما عكفنا عليه دهرا طويلا فأمرهم بما يمحق ما سلف منهم من المعاصى ويجلب إليهم المنافع ولذلك وعدهم بما هو أوقع فى قلوبهم وأحب إليهم من الفوائد العاجلة وقيل لما كذبوه بعد تكرير الدعوة حبس الله تعالى عنهم القطر وأعقم أرحام نسائهم أربعين سنة وقيل سبعين سنة فوعدهم أنهم إن آمنوا أن يرزقهم الله تعالى الخصب ويدفع عنهم ما كانوا فيه (يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً) أى كثير الدرور والمراد بالسماء المظلة أو السحاب (وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ) بساتين (وَيَجْعَلْ لَكُمْ) فيها (أَنْهاراً) جارية (ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً) إنكار لأن يكون لهم سبب ما فى عدم رجائهم لله تعالى وقارا على أن الرجاء بمعنى الاعتقاد ولا ترجون حال من ضمير المخاطبين والعامل فيها معنى الاستقرار فى لكم على أن الإنكار متوجه إلى السبب فقط مع تحقق مضمون الجملة الحالية لا إليهما معا كما فى قوله تعالى (وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي) ولله متعلق بمضمر وقع حالا من وقارا ولو تأخر لكان صفة له أى أى سبب حصل لكم حال كونكم غير معتقدين لله تعالى عظمة موجبة لتعظيمه بالإيمان به والطاعة له (وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً) أى والحال أنكم على حال منافية لما أنتم عليه بالكلية وهى أنكم تعلمون أنه تعالى خلقكم تارات عناصر ثم أغذية ثم أخلاطا ثم نطفا ثم علقا ثم مضغا ثم عظاما ولحوما ثم أنشأكم خلقا آخر فإن التقصير فى توقير من من هذه شؤنه فى القدرة القاهرة والإحسان التام مع العلم بها مما لا يكاد يصدر عن العاقل هذا وقد قيل الرجاء بمعنى الأمل أى ما لكم لا تؤملون له تعالى توقيرا أى تعظيما لمن عبده وأطاعه ولا تكونون على حال تؤملون فيها تعظيم الله تعالى إياكم فى دار الثواب ولله بيان للموقر ولو تأخر لكان صلة للوقار والأول هو الذى تستدعيه الجزالة التنزيلية فإن اللائق بحال الكفرة استبعاد أن لا يعتقدوا وقار الله تعالى وعظمته مع مشاهدتهم لآثارها وأحكامها الموجبة للاعتقاد حتما وأما عدم رجائهم لتعظيم الله إياهم فى دار الثواب فليس فى حيز الاستبعاد والإنكار مع أن فى جعل الوقار بمعنى التوقير من التعسف