(لابِثِينَ فِيها أَحْقاباً (٢٣) لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً (٢٤) إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً (٢٥) جَزاءً وِفاقاً (٢٦) إِنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً (٢٧) وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذَّاباً (٢٨) وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً) (٢٩)
____________________________________
وقيل المرصاد صيغة مبالغة من الرصد والمعنى أنها مجدة فى ترصد الكفار لئلا يشذ منهم أحد وقرىء أن بالفتح على تعليل قيام الساعة بأنها مرصاد للطاغين (لابِثِينَ فِيها) حال مقدرة من المستكن فى للطاغين وقرىء لبثين وقوله تعالى (أَحْقاباً) ظرف للبثهم أى دهورا متتابعة كلما مضى حقب تبعه حقب آخر* إلى غير نهاية فإن الحقب لا يكاد يستعمل إلا حيث يراد تتابع الأزمنة وتواليها فليس فيه ما يدل على تناهى تلك الأحقاب ولو أريد بالحقب ثمانون سنة أو سبعون ألف سنة وقوله تعالى (لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً) (إِلَّا حَمِيماً وَغَسَّاقاً) جملة مبتدأة أخبر عنهم بأنهم لا يذوقون فيها شيئا ما من برد وروح ينفس عنهم حر النار ولا من شراب يسكن من عطشهم ولكن يذوقون فيها حميما وغساقا وقيل البرد النوم وقرىء غساقا بالتخفيف وكلاهما ما يسيل من صديدهم (جَزاءً) أى جوزوا بذلك جزاء (وِفاقاً) ذا وفاق لأعمالهم أو نفس الوفاق مبالغة أو وافقها وفاقا وقرىء وفاقا على أنه فعال من وفقه كذا أى لاقه (إِنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً) تعليل لاستحقاقهم الجزاء المذكور أى كانوا لا يخافون أن يحاسبوا بأعمالهم (وَكَذَّبُوا بِآياتِنا) الناطقة بذلك (كِذَّاباً) أى تكذيبا مفرطا ولذلك كانوا مصرين على الكفر وفنون المعاصى وفعال من باب فعل شائع فيما بين الفصحاء وقرىء بالتخفيف وهو مصدر كذب قال[فصدقتها وكذبتها * والمرء ينفعه كذابه] وانتصابه إما بفعله المدلول عليه بكذبوا أى وكذبوا بآياتنا فكذبوا كذابا وإما بنفس كذبوا لتضمنه معنى كذبوا فإن كل من يكذب بالحق فهو كاذب وقرىء كذابا وهو جمع كاذب فانتصابه على الحالية أى كذبوا بآياتنا كاذبين وقد يكون الكذاب بمعنى الواحد البليغ فى الكذب فيجعل صفة لمصدر كذبوا أى تكذيبا كذابا مفرطا كذبه (وَكُلَّ شَيْءٍ) من الأشياء التى من جملتها أعمالهم وانتصابه بمضمر يفسره (أَحْصَيْناهُ) أى حفظناه وضبطناه وقرىء*