(أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً (١١) قالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ (١٢) فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ (١٣) فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ (١٤) هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى) (١٥)
____________________________________
وقوله تعالى (أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً) تأكيد لإنكار الرد ونفيه بنسبته إلى حالة منافية له والعامل فى إذا مضمر يدل عليه مردودون أى أئذا كنا عظاما بالية نرد ونبعث مع كونها أبعد شىء من الحياة وقرىء إذا كنا على الخبر أو إسقاط حرف الإنكار وناخرة من نخر العظم فهو نخر وناخر وهو البالى الأجوف الذى يمر به الريح فيسمع له نخير (قالُوا) حكاية لكفر آخرهم متفرع على كفرهم السابق ولعل توسيط قالوا بينهما للإيذان بأن صدور هذا الكفر عنهم ليس بطريق الاطراد والاستمرار مثل كفرهم السابق المستمر صدوره عنهم فى كافة أوقاتهم حسبما ينبىء عنه حكايته بصيغة المضارع أى قالوا بطريق الاستهزاء مشيرين إلى ما أنكروه من الردة فى الحافرة مشعرين بغاية بعدها من الوقوع* (تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ) أى ذات خسران أو خاسرة أصحابها أى إن صحت فنحن إذن خاسرون لتكذيبنا بها وقوله تعالى (فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ) تعليل لمقدر يقتضيه إنكارهم لإحياء العظام النخرة التى عبروا عنها بالكرة فإن مداره لما كان استصعابهم إياها رد عليهم ذلك فقيل لا تستصعبوها فإنما هى صيحة واحدة أى حاصلة بصيحة واحد وهى النفخة الثانية عبر عنها بها تنبيها على كمال اتصالها بها كأنها عينها وقيل هى راجع إلى الرادفة فقوله تعالى (فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ) حينئذ بيان لترتب الكرة على الزجرة مفاجأة أى فإذا هم أحياء على وجه الأرض بعد ما كانوا أمواتا فى جوفها وعلى الأول بيان لحضورهم الموقف عقيب الكرة التى عبر عنها بالزجرة والساهرة الأرض البيضاء المستوية سميت بذلك لأن السراب يجرى فيها من قولهم عين ساهرة جارية الماء وفى ضدها نائمة وقيل لأن سالكها لا ينام خوف الهلكة وقيل اسم لجهنم وقال الراغب هى وجه الأرض وقيل هى أرض القيامة وروى الضحاك عن ابن عباس رضى الله عنهما أن الساهرة أرض من فضة لم يعص الله تعالى عليها قط خلقها حينئذ وقيل هى أرض يجددها الله عزوجل يوم القيامة وقيل هى اسم الأرض السابعة يأتى بها الله تعالى فيحاسب الخلائق عليها وذلك حين تبدل الأرض غير الأرض وقال الثورى الساهرة أرض الشام وقال وهب بن منبه جبل بيت المقدس وقيل الساهرة بمعنى الصحراء على شفير جهنم وقوله تعالى (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى) كلام مستأنف وارد لتسلية رسول الله صلىاللهعليهوسلم من تكذيب قومه بأنه يصيبهم مثل ما أصاب