(إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً (١٦) اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (١٧) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى (١٨) وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى (١٩) فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى) (٢٠)
____________________________________
من كان أقوى منهم وأعظم ومعنى هل أتاك إن اعتبر هذا أول ما أتاه عليه الصلاة والسلام من حديثه عليهالسلام ترغيب له عليه الصلاة والسلام فى استماع حديثه كأنه قيل هل أتاك حديثه أنا أخبرك به وإن اعتبر إتيانه قبل هذا وهو المتبادر من الإيجاز فى الاقتصاص حمله عليه الصلاة والسلام على أن يقر بأمر يعرفه قبل ذلك كأنه قيل أليس قد أتاك حديثه وقوله تعالى (إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ) ظرف للحديث لا للإتيان لاختلاف وقتيهما (طُوىً) بضم الطاء غير منون وقرىء منونا وقرىء* بالكسر منونا وغير منون فمن نونه أوله بالمكان دون البقعة وقيل هو كثنى مصدر لنادى أو المقدس أى ناداه ندائين أو المقدس مرة بعد أخرى (اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ) على إرادة القول وقيل هو تفسير للنداء أى ناداه اذهب وقيل هو على حذف أن المفسرة ويدل عليه قراءة عبد الله أن أذهب لأن فى النداء معنى القول (إِنَّهُ طَغى) تعليل للأمر أو لوجوب الامتثال به (فَقُلْ) بعد ما أتيته (هَلْ لَكَ) رغبة وتوجه (إِلى أَنْ تَزَكَّى) بحذف إحدى التاءين من تتزكى أى تتطهر من دنس الكفر والطغيان* وقرىء تزكى بالتشديد (وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ) وأرشدك إلى معرفته عزوجل فتعرفه (فَتَخْشى) إذ الخشية لا تكون إلا بعد معرفته تعالى قال عزوجل إنما يخشى الله من عباده العلماء وجعل الخشية غاية للهداية لأنها ملاك الأمر من خشى الله تعالى أتى منه كل خير ومن أمن اجترأ على كل شر أمر عليه الصلاة والسلام بأن يخاطبه بالاستفهام الذى معناه العرض ليستدعيه بالتلطف فى القول ويستنزله بالمداراة من عتوه وهذا ضرب تفصيل لقوله تعالى (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى) والفاء فى قوله تعالى (فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى) فصيحة تفصح عن جمل قد طويت تعويلا على تفصيلها فى السور الأخرى فإنه عليه الصلاة والسلام ما أراه إياها عيب هذا الأمر بل بعد ما جرى بينه وبين الله تعالى ما جرى من الاستدعاء والإجابة وغيرهما من المراجعات وبعد ما جرى بينه وبين فرعون ما جرى من المحاورات إلى أن قال إن كنت جئت بآية فأت بها إن كنت من الصادقين والإراءة إما بمعنى التبصير أو التعريف فإن اللعين حين أبصرها عرفها وادعاء سحريتها إنما كان إراءة منه وإظهارا للتجلد ونسبتها إليه عليه الصلاة والسلام بالنظر إلى الظاهر كما أن نسبتها إلى نون العظمة فى قوله تعالى (وَلَقَدْ أَرَيْناهُ آياتِنا) بالنظر