(فَكَذَّبَ وَعَصى (٢١) ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعى (٢٢) فَحَشَرَ فَنادى (٢٣) فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى (٢٤) فَأَخَذَهُ اللهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى) (٢٥)
____________________________________
إلى الحقيقة والمراد بالآية الكبرى قلب العصاحية وهو قول ابن عباس رضى الله عنهما فإنها كانت المقدمة والأصل والأخرى كالتبع لها أو هما جميعا وهو قول مجاهد فإنهما كالآية الواحدة وقد عبر عنهما بصيغة الجمع حيث قال اذهب أنت وأخوك بآياتى باعتبار ما فى تضاعيفهما من بدائع الأمور التى كل منها آية بينة لقوم يعقلون كما فى سورة طه ولا مساغ لحملها على مجموع معجزاته فإن ما عدا هاتين الآيتين من الآيات التسع إنما ظهرت على يده عليه الصلاة والسلام بعد ما غلب السحرة على مهل فى نحو من عشرين سنة كما مر فى سورة الأعراف ولا ريب فى أن هذا مطلع القصة وأمر السحرة مترقب بعد (فَكَذَّبَ) بموسى عليهالسلام وسمى معجزاته سحرا (وَعَصى) الله عزوجل بالتمرد بعد ما علم صحة الأمر ووجوب الطاعة أشد عصيان وأقبحه حيث اجترأ على إنكار وجود رب العالمين رأسا وكان اللعين وقومه مأمورين بعبادته عزوجل وترك العظيمة التى كان يدعيها الطاغية ويقبلها منه فئته الباغية لا بإرسال بنى إسرائيل من الأسر والقسر فقط (ثُمَّ أَدْبَرَ) أى تولى عن الطاعة أو انصرف عن المجلس* (يَسْعى) أى يجتهد فى معارضة الآية أو أريد ثم أقبل أى أنشأ يسعى فوضع موضعه أدبر تحاشيا عن وصفه بالإقبال وقيل أدبر هاربا من الثعبان فإنه روى أنه عليه الصلاة والسلام لما ألقى العصا انقلبت ثعبانا أشعر فاغرا فاه بين لحييه ثمانون ذراعا وضع لحيه الأسفل على الأرض والأعلى على سور القصر فتوجه نحو فرعون فهرب وأحدث وانهزم الناس مزدحمون فمات منهم خمسة وعشرون ألفا من قومه وقيل إنها حين انقلبت حية ارتفعت فى السماء قدر ميل ثم انحطت مقبلة نحو فرعون وجعلت تقول يا موسى مرنى بما شئت ويقول فرعون أنشدك بالذى أرسلك إلا أخذته فأخذه فعاد عصا ويأباه أن ذلك كان قبل الإصرار على التكذيب والعصيان والتصدى للمعارضة كما يعرب عنه قوله تعالى (فَحَشَرَ) أى فجمع السحرة لقوله (فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ) وقوله تعالى (فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ) فجمع كيده أى* ما يكاد به من السحرة وآلاتهم وقيل جنوده ويجوز أن يراد جميع الناس (فَنادى) فى المجمع بنفسه أو بواسطة المنادى (فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) قيل قام فيهم خطيبا فقال تلك العظيمة (فَأَخَذَهُ اللهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى) النكال بمعنى التنكيل كالسلام بمعنى التسليم وهو التعذيب الذى ينكل من