ولنختم هذه المسألة بذكر آيتين تمسكوا بهما فى اثبات الذنب للأنبياء على الاطلاق :
الآية الأولى : قوله تعالى : (وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ) (النحل ٦١) قالوا : هذه الآية تقتضى ثبوت الظلم لكل الناس ، فوجب ثبوته للأنبياء.
والجواب : هذا معارض بقوله : (أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) (هود ١٨) فلو كان النبي ظالما ، لدخل تحت هذه الآية.
والثانية : قوله تعالى : (عالِمُ الْغَيْبِ. فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً. إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ ، فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً. لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ) (الجن ٢٦ ـ ٢٨) قالوا : فلولا الخوف من ايقاع التخليط فى تبليغ الوحى من جهة الرسل ، لم يكن فى الاستظهار بالرصد المرسل معهم (٢٨) فائدة.
والجواب : يجوز أن تكون بعثة الملائكة مع الأنبياء ـ عليهمالسلام ـ ليس لأجل الخوف من أن الأنبياء ـ عليهمالسلام سيخلطون ويغيرون (٢٩) ولكن لأجل أن يمنعوا الشياطين من أن يوقعوا تخليطا فى أثناء أداء الرسالة (٣٠).
ولنقتصر على هذا القدر من الكلام فى هذا الباب. فان الاستقصاء التام فيه مذكور فى كتاب التفسير. والله أعلم.
__________________
(٢٨) بالاستظهار بالرصد مع الرسل : ا
(٢٩) يحرفون ويفترون : ب
(٣٠) راجع فصل الرصد والطلاسم فى كتابنا علم السحر بين المسلمين وأهل الكتاب ـ نشر دار الثقافة الدينية بالقاهرة.