الا أنه يجب على الله تعالى نصب الامام المعصوم ، ليكون لطفا فى أداء الواجبات العقلية ، والاجتناب عن القبائح العقلية. وليكون أيضا : حافظا للدين عن الزيادة والنقصان.
وقال بعض قدماء الشيعة : أنه يجب على الله نصب الامام ، ليعلمهم أحوال الأغذية والأدوية ، ويعلمهم السموم المهلكة ، ويعرفهم الحرف والصناعات ، ويصونهم عن الآفات والمخاوف.
فذا تفصيل قول من قال : انه يجب نصب الامام.
وأما الذين قالوا : انه غير واجب
فهم فرق :
الأول : قال «الاصم» : ان نصب الامام عند ظهور الفتن واجب. وأما عند الأمن والعدل فلا.
الثانية : قال بعضهم : نصب الامام عند ظهور الفتن غير واجب ، لأنه ربما يصير نصبه سببا لتمرد بعضهم عن الطاعة ، فتزداد الفتن. أما عند ظهور العدل فهو واجب.
الثالثة : قول أكثر الخوارج : انه لا يجب الامام فى شيء من الأوقات. فان فعلوه جاز ، وان تركوه جاز أيضا.
فهذا تفصيل مذاهب الناس فى هذه المسألة.
* * *
ولنا فيه مقامان :
أحدهما : بيان أنه يجب على الخلق نصب رئيس لأنفسهم.
وثانيهما : بيان أنه لا يجب على الله نصب الامام لهم.
أما المقام الأول : فالدليل عليه : أن نصب الامام يتضمن اندفاع ضرر لا يندفع الا بنصبه. ودفع الضرر عن النفس واجب بقدر الامكان. وهذا يقتضي أنه يجب على العقلاء أن ينصبوا إماما لأنفسهم.
بيان المقام الأول : (وهو أنه يجب على الخلق نصب رئيس لأنفسهم) فهو أنا نرى أن البلد اذا حصل فيه رئيس قاهر مهيب