الخامسة : انكم اما أن تدعوا بأن نصب الامام لطف فى الشرعيات ، أو فى العقليات. فان كان الأول بطل قولكم ، لأن خلو الزمان عن التكاليف الشرعية جائز. فالامام الّذي هو لطف فيه ، أولى أن يجوز خلو الزمان عنه. وان كان الثانى فنقول : اما أن تدعو أن الامام لطف فى ادخال تلك الواجبات العقلية فى الوجود ، سواء كان ادخالها فى الوجود لأجل وجود وجوبها ، أو لهذا الوجه. واما أن تقولوا بأن الامام لطف فى أن يدخلها المكلف فى الوجود ، لأجل وجه وجوبها. والأول باطل. لأن ادخالها فى الوجود ، لا لأجل وجه وجوبها لا عبرة به البتة ، فلم يبق لكم الا أن تدعو أن الامام لطف فى أن يدخل المكلف الواجبات العقلية فى الوجود ، لأجل وجه وجوبها.
وهذا مما لا يمكنكم أن تذكروا فى تقريره شيئا. وذلك لأن ادخال الفعل فى الوجود لأجل وجه وجوبه ، عبارة عن كيفية من كيفيات الدواعى القائمة بالقلوب. ومن أين يمكن اثبات أن نصب الامام أبدا ، له أثر فى هذه الكيفيات؟ بل لو قيل : ان الأمر بالعكس ، لكان أولى. لأن الممنوع متبوع. فاذا صارا الانسان محمولا على فعل من الأفعال بالتخويف ، صار متنفرا عنه. واذا صار ممنوعا عن شيء ، صار راغبا فيه.
فثبت : أن هذه التمويهات التى يذكرها هؤلاء الاثنا عشرية ، تمويهات محضة. وأنه متى بحث عن محل الخلاف على التعيين ، لا يمكنهم أن يذكروا فى تقرير مذهبهم بعد التلخيص : خيالا. فضلا عن حجة.
السادسة : ان عند حصول هذا اللطف المقرب اما أن يعلم الله تعالى بأنه حصل ما يمنع عن الفعل أو يعلم أنه لم يحصل هذا المانع البتة. فان كان الأول. فلا نسلم أنه يجب فى العقول فعل مثل هذا اللطف ، لأنه اذا كان بتقدير وجوده ، لا يحصل الفعل ، كما أن بتقدير عدمه أيضا لا يحصل : لم يكن فعل مثل هذا اللطف واجبا بل العقل يوجب الامتناع منه. لأنه لا فائدة فى فعله البتة. وان كان