آخر ، فيلزم اما التسلسل أو الدور. وهما محالان ، فوجب أن لا يتحقق فيه جواز الخطأ.
واعلم : أنهم احتجوا فقالوا : ان دليلنا فى وجوب وجود الامام ، وفى وجوب عصمته تعينه ، هو عين الدليل الّذي يعرف به ، وجود الصانع ، ووجوب وجوده.
وذلك لأنا نقول : العالم يجوز وجوده ويجوز عدمه ، فافتقر رجحان وجوده على عدمه الى مرجح. فكذا قولنا : الخلق يجوز عليهم الطاعة ، ويجوز عليهم المعصية ، فافتقر رجحان الطاعة على المعصية الى المرجح. وهو الامام. ثم قلنا : الجواز الّذي هو علة الحاجة الى المؤثر غير حاصل فى الصانع ، والا لافتقر الى مؤثر آخر ، فيلزم اما الدور واما التسلسل فكذا هاهنا.
قلنا : جواز الاقدام على المعصية غير حاصل فى الامام ، والا لافتقر الى امام آخر ، فيلزم اما الدور واما التسلسل. وهما محالان. فثبت : أن مسألة اثبات الامامة بعينها مطابقة لمسألة اثبات الصانع.
الشبهة الثانية فى وجوب العصمة : انه ثبت بالتواتر عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن الشريعة التى جاء بها ، فانه أوجبها على جميع المكلفين الى يوم القيامة. ولما أوجبها على جميع المكلفين ، وجب وصولها الى جميع المكلفين. والا لكان ذلك تكليف بما لا يطاق. اذا ثبت هذا ، فنقول : هذه الشرائع لا بد لها من حافظ يحفظها عن التغير ، ومن ناقل ينقلها إلينا. وذلك الناقل لا بد وأن يكون واجب العصمة ، اذ لو لم يكن كذلك لم يكن نقله مفيدا للعلم. وذلك الناقل الّذي هو واجب العصمة اما أن يكون مجموع الأمة ـ على ما ذهب إليه من يقول : الاجماع حجة ـ أو بعض آحاد الأمة. والأول باطل. لأن وجوب عصمة كل الأمة غير ثابت بالعقل. لأنا نرى النصارى على كثرتهم مجمعين على الأباطيل. فاذن وجوب عصمة مجموع الأمة