أو تقاربوه ، فإنه كالأسد الضاري ، إنه حق عليكم لأنكم نفيتموه نفي القردان عن المناسم ، والله إن له لسحرة ما رأيته قط ولا أحدا من أصحابه إلا رأيت معهم الشياطين ، وإنكم قد عرفتم عداوة ابني قيلة يعني الأوس والخزرج ، فهو عدو استعان بعدو ، فقال له مطعم بن عدي : يا أبا الحكم والله ما رأيت أحدا أصدق لسانا ، ولا أصدق موعدا من أخيكم الذي طردتم ، وإذ فعلتم الذي فعلتم ، فكونوا أكف الناس عنه.
قال أبو سفيان بن الحارث : كونوا أشد ما كنتم عليه إن ابني قيلة إن ظفروا بكم لم يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة ، وإن أطعتموني ألجأتموهم حير كنانة أو تخرجوا محمدا من بين ظهرانيهم ، فيكون وحيدا مطرودا ، وأما ابنا قيلة فو الله ما هما وأهل دهلك في المذلة إلا سواء وسأكفيكم حدهم ، وقال :
سأمنح جانبا مني غليظا |
|
على ما كان من قرب وبعد |
رجال الخزرجية أهل ذلّ |
|
إذا ما كان هزل بعد جدّ |
فبلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال «والذي نفسي بيده ، لأقتلنهم ولأصلبنهم ولأهدينهم وهم كارهون ، إني رحمة بعثني الله ولا يتوفاني حتى يظهر الله دينه ، لي خمسة أسماء أنا محمد وأحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر ، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي ، وأنا العاقب» وقال أحمد بن صالح : أرجو أن يكون الحديث صحيحا.
وقال الإمام أحمد (١) : حدثنا معاوية بن عمرو ، حدثنا زائدة ، حدثني عمرو بن قيس عن عمرو بن أبي قرة الكندي قال : كان حذيفة بالمدائن فكان يذكر أشياء قالها رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ، فجاء حذيفة إلى سلمان ، فقال سلمان : يا حذيفة إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم خطب فقال : «أيما رجل من أمتي سببته في غضبي أو لعنته لعنة ، فإنما أنا رجل من ولد آدم أغضب كما تغضبون ، وإنما بعثني الله رحمة للعالمين فأجعلها صلاة عليه يوم القيامة».
ورواه أبو داود (٢) عن أحمد بن يونس عن زائدة ، فإن قيل : فأي رحمة حصلت لمن كفر به؟ فالجواب ما رواه أبو جعفر بن جرير (٣) : حدثنا إسحاق بن شاهين ، حدثنا إسحاق الأزرق عن المسعودي عن رجل يقال له سعيد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) قال : من آمن بالله واليوم الآخر كتب له الرحمة في الدنيا والآخرة ، ومن لم يؤمن بالله ورسوله عوفي مما أصاب الأمم من الخسف والقذف.
وهكذا رواه ابن أبي حاتم من حديث المسعودي عن أبي سعد وهو سعيد بن المرزبان البقال
__________________
(١) المسند ٥ / ٤٣٧.
(٢) كتاب السنة باب ١٠.
(٣) تفسير الطبري ٩ / ١٠٠.