كانَ فاحِشَةً) أي ذنبا عظيما (وَساءَ سَبِيلاً) أي بئس طريقا ومسلكا.
وقد قال الإمام أحمد (١) : حدثنا يزيد بن هارون ، حدثنا جرير حدثنا سليم بن عامر عن أبي أمامة أن فتى شابا أتى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله ائذن لي بالزنا ، فأقبل القوم عليه فزجروه ، وقالوا : مه مه ، فقال «ادنه» فدنا منه قريبا ، فقال «اجلس» فجلس ، فقال «أتحبه لأمك»؟ قال : لا والله ، جعلني الله فداك ، قال : ولا الناس يحبونه لأمهاتهم ، قال : «أفتحبه لابنتك؟» قال : لا والله يا رسول الله ، جعلني الله فداك ، قال : ولا الناس يحبونه لبناتهم. قال : «أفتحبه لأختك؟» قال : لا والله ، جعلني الله فداك ، قال : ولا الناس يحبونه لأخواتهم ، قال «أفتحبه لعمتك؟» قال : لا والله يا رسول الله ، جعلني الله فداك ، قال : ولا الناس يحبونه لعماتهم ، قال «أفتحبه لخالتك؟» قال : لا والله يا رسول الله ، جعلني الله فداك ، قال : ولا الناس يحبونه لخالاتهم ، قال فوضع يده عليه ، وقال «اللهم اغفر ذنبه ، وطهر قلبه ، وأحصن فرجه» قال : فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء ، وقال ابن أبي الدنيا : حدثنا عمار بن نصر ، حدثنا بقية عن أبي بكر بن أبي مريم عن الهيثم بن مالك الطائي ، عن النبيصلىاللهعليهوسلم قال : «ما من ذنب بعد الشرك أعظم عند الله من نطفة وضعها رجل في رحم لا يحل له».
(وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً) (٣٣)
يقول تعالى ناهيا عن قتل النفس بغير حق شرعي ، كما ثبت في الصحيحين أن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم قال : «لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، إلا بإحدى ثلاث : النفس بالنفس ، والزاني المحصن ، والتارك لدينه المفارق للجماعة» (٢). وفي السنن «لزوال الدنيا عند الله أهون من قتل مسلم» (٣).
وقوله : (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً) أي سلطة على القاتل ، فإنه بالخيار فيه إن شاء قتله قودا ، وإن شاء عفا عنه على الدية ، وإن شاء عفا عنه مجانا ، كما ثبتت السنة بذلك ، وقد أخذ الإمام الحبر ابن عباس من عموم هذه الآية الكريمة ولاية معاوية السلطنة أنه سيملك لأنه كان ولي عثمان ، وقد قتل مظلوما رضي الله عنه ، وكان معاوية يطالب عليا رضي الله عنه أن يسلمه قتلته حتى يقتص منهم ، لأنه أموي ، وكان علي رضي الله عنه يستمهله
__________________
(١) المسند ٥ / ٣٥٦ ، ٣٥٧.
(٢) أخرجه البخاري في الديات باب ٦ ، ومسلم في القسامة حديث ٢٥ ، ٢٦ ، وأبو داود في الحدود باب ١ ، والترمذي في الديات باب ١٠ ، ١٥ ، والنسائي في القسامة باب ٦ ، ٨ ، وابن ماجة في الحدود باب ١ ، والدارمي في السير باب ١١.
(٣) أخرجه الترمذي في الديات باب ٧ ، وابن ماجة في الديات باب ١ ، والنسائي في التحريم باب ٢.