عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «ما من قوم اجتمعوا يذكرون الله لا يريدون بذلك إلا وجهه ، إلا ناداهم مناد من السماء : أن قوموا مغفورا لكم قد بدلت سيئاتكم حسنات» تفرد به أحمد رحمهالله. وقال الطبراني : حدثنا إسماعيل بن الحسن ، حدثنا أحمد بن صالح ، حدثنا ابن وهب عن أسامة بن زيد ، عن أبي حازم ، عن عبد الرحمن بن سهل بن حنيف قال : نزلت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو في بعض أبياته.
(وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِ) الآية ، فخرج يتلمسهم ، فوجد قوما يذكرون الله تعالى ، منهم ثائر الرأس وجاف الجلد وذو الثوب الواحد ، فلما رآهم جلس معهم وقال : «الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرني الله أن أصبر نفسي معهم» عبد الرحمن هذا ، ذكره أبو بكر بن أبي داود في الصحابة. وأما أبوه فمن سادات الصحابة رضي الله عنهم.
وقوله (وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا) قال ابن عباس : ولا تجاوزهم إلى غيرهم ، يعني تطلب بدلهم أصحاب الشرف والثروة ، (وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا) أي شغل عن الدين وعبادة ربه بالدنيا ، (وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) أي أعماله وأفعاله سفه وتفريط وضياع ، ولا تكن مطيعا ولا محبا لطريقته ، ولا تغبطه بما هو فيه ، كما قال : (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى) [طه : ١٣١].
(وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَساءَتْ مُرْتَفَقاً) (٢٩)
يقول تعالى لرسوله محمد صلىاللهعليهوسلم : وقل يا محمد للناس هذا الذي جئتكم به من ربكم هو الحق الذي لا مرية فيه ولا شك (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ) هذا من باب التهديد والوعيد الشديد ، ولهذا قال : (إِنَّا أَعْتَدْنا) أي أرصدنا (لِلظَّالِمِينَ) وهم الكافرون بالله ورسوله وكتابه (ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها) أي سورها. قال الإمام أحمد (١) : حدثنا حسن بن موسى ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا دراج عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد الخدري ، عن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم أنه قال : «لسرادق النار أربعة جدر ، كثافة كل جدار مثل مسافة أربعين سنة» وأخرجه(٢) الترمذي في صفة النار ، وابن جرير (٣) في تفسيره ، من حديث دراج أبي السمح به.
وقال ابن جريج : قال ابن عباس : (أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها) قال : حائط من نار. قال ابن جرير (٤) : حدثني الحسين بن نصر والعباس بن محمد قالا : حدثنا أبو عاصم عن عبد الله بن
__________________
(١) المسند ٣ / ٢٩.
(٢) كتاب صفة جهنم باب ٤.
(٣) تفسير الطبري ٨ / ٢١٨.
(٤) تفسير الطبري ٨ / ٢١٨.