أمية ، حدثني محمد بن حيي بن يعلى عن صفوان بن يعلى ، عن يعلى بن أمية قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «البحر هو جهنم» قال : فقيل له كيف ذلك؟ فتلا هذه الآية ، أو قرأ هذه الآية (ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها) ثم قال «والله لا أدخلها أبدا أو ما دمت حيا لا تصيبني منها قطرة».
وقوله (وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ) الآية ، قال ابن عباس : المهل : الماء الغليظ مثل دردي الزيت (١) ، وقال مجاهد : هو كالدم والقيح. وقال عكرمة : هو الشيء الذي انتهى حره. وقال آخرون : هو كل شيء أذيب. وقال قتادة : أذاب ابن مسعود شيئا من الذهب في أخدود ، فلما انماع وأزبد ، قال : هذا أشبه شيء بالمهل. وقال الضحاك : ماء جهنم أسود وهي سوداء وأهلها سود ، وهذه الأقوال ليس شيء منها ينفي الآخر ، فإن المهل يجمع هذه الأوصاف الرذيلة كلها ، فهو أسود منتن غليظ حار ، ولهذا قال : (يَشْوِي الْوُجُوهَ) أي من حره ، إذا أراد الكافر أن يشربه وقربه من وجهه شواه حتى تسقط جلدة وجهه فيه.
كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد (٢) بإسناده المتقدم في سرادق النار عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «ماء كالمهل ـ قال ـ كعكر الزيت فإذا قربه إليه سقطت فروة وجهه فيه» وهكذا رواه الترمذي (٣) في صفة النار من جامعه من حديث رشدين بن سعد عن عمرو بن الحارث ، عن دراج به ، ثم قال : لا نعرفه إلا من حديث رشدين ، وقد تكلم فيه من قبل حفظه هكذا ، قال : وقد رواه الإمام أحمد كما تقدم عن حسن الأشيب ، عن ابن لهيعة ، عن دراج ، والله أعلم.
وقال عبد الله بن المبارك وبقية بن الوليد : عن صفوان بن عمرو ، عن عبد الله بن يسر ، عن أبي أمامة ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم في قوله : (وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ) ، قال : «يقرب إليه فيتكرهه ، فإذا قرب منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه ، فإذا شربه قطع أمعاءه ، يقول الله تعالى : (وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ) (٤). وقال سعيد بن جبير : إذا جاع أهل النار استغاثوا ، فأغيثوا بشجرة الزقوم فيأكلون منها ، فاختلت جلود وجوههم ، فلو أن مارا مر بهم يعرفهم ، لعرف جلود وجوههم فيها ، ثم يصب عليهم العطش فيستغيثون ، فيغاثون بماء كالمهل وهو الذي قد انتهى حره ، فإذا أدنوه من أفواههم اشتوى من حره لحوم وجوههم التي قد سقطت عنها الجلود ، ولهذا قال تعالى بعد وصفه هذا الشراب بهذه الصفات الذميمة القبيحة (بِئْسَ الشَّرابُ) أي بئس هذا الشراب ، كما قال في الآية الأخرى (وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ) [محمد : ١٥] وقال تعالى : (تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ)
__________________
(١) تفسير الطبري ٨ / ٢١٩.
(٢) المسند ٣ / ٧٠ ، ٧١.
(٣) كتاب صفة جهنم باب ٤.
(٤) أخرجه الترمذي في تفسير سورة ٧٠ ، وأحمد في المسند ٥ / ٢٦٥.