سبعين ألفا من المسلمين وغيرهم ، فسكن ، وهذا صحيح إلى سعيد بن المسيب ، وهذا هو المشهور ، وأنه قتل أشرافهم وعلماءهم حتى إنه لم يبق من يحفظ التوراة ، وأخذ منهم خلقا كثيرا أسرى من أبناء الأنبياء وغيرهم ، وجرت أمور وكوائن يطول ذكرها ، ولو وجدنا ما هو صحيح أو ما يقاربه لجاز كتابته وروايته ، والله أعلم.
ثم قال تعالى : (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها) أي فعليها ، كما قال تعالى : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها) [فصلت : ٤٦]. وقوله : (فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ) أي الكرة الآخرة ، أي إذا أفسدتم الكرة الثانية وجاء أعداؤكم (لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ) أي يهينوكم ويقهروكم ، (وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ) أي بيت المقدس (كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ) أي في التي جاسوا فيها خلال الديار ، (وَلِيُتَبِّرُوا) أي يدمروا ويخربوا (ما عَلَوْا) أي ما ظهروا عليه (تَتْبِيراً عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ) أي فيصرفهم عنكم ، (وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا) أي متى عدتم إلى الإفساد عدنا إلى الإدالة عليكم في الدنيا مع ما ندخره لكم في الآخرة من العذاب والنكال ، ولهذا قال : (وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً) أي مستقرا ومحصرا وسجنا لا محيد لهم عنه. قال ابن عباس : حصيرا أي سجنا. وقال مجاهد : يحصرون فيها ، وكذا قال غيره ، وقال الحسن : فراشا ومهادا. وقال قتادة : قد عاد بنو إسرائيل ، فسلط الله عليهم هذا الحي محمد صلىاللهعليهوسلم وأصحابه ، يأخذون منهم الجزية عن يد وهم صاغرون (١).
(إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً (٩) وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) (١٠)
يمدح تعالى كتابه العزيز الذي أنزله على رسوله محمد صلىاللهعليهوسلم ، وهو القرآن بأنه يهدي لأقوم الطرق وأوضح السبل ، ويبشر المؤمنين به الذين يعملون الصالحات على مقتضاه ، (أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً) ، أي يوم القيامة ، (وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) ، أي ويبشر الذين لا يؤمنون بالآخرة أن لهم عذابا أليما ، أي يوم القيامة ، كما قال تعالى : (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) [آل عمران : ٢١].
(وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً) (١١)
يخبر تعالى عن عجلة الإنسان ودعائه في بعض الأحيان على نفسه أو ولده أو ماله بالشر أي بالموت أو الهلاك والدمار واللعنة ونحو ذلك ، فلو استجاب له ربه لهلك بدعائه ، كما قال تعالى (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ) [يونس : ١١] الآية ، وكذا فسره ابن عباس ومجاهد وقتادة ، وقد تقدم في الحديث «لا تدعوا على أنفسكم ، ولا على أموالكم أن توافقوا من الله ساعة إجابة
__________________
(١) انظر هذه الآثار في تفسير الطبري ٨ / ٤٢ ، ٤٣.