وأحلسونا الخوف ، واضطرّونا إلى جبل وعر ، وجعلوا علينا الأرصاد والعيون ، وأوقدوا لنا نار الحرب ، وكتبوا علينا بينهم كتابا : لا يؤاكلوننا ، ولا يشاربوننا ، ولا يناكحوننا ، ولا يبايعوننا ، ولا يكلّموننا ، ولا نأمن فيهم حتّى ندفع إليهم نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم فيقتلوه ويمثّلوا به ؛ فلم نكن نأمن فيهم إلّا من موسم إلى موسم. فعزم الله لنا على منعه ، والذبّ عن حوزته ، والرمي من وراء حرمته ، والقيام بأسيافنا دونه في ساعات الخوف ، وبالليل والنهار ؛ فمؤمننا يبغي بذلك الأجر ، وكافرنا يحامي عن الأصل.
وأمّا من أسلم من قريش بعد ، فإنّه خلوّ ممّا نحن فيه بحلف يمنعه ، أو عشيرة تقوم دونه ، فلا يبغيه أحد بمثل ما بغانا به قومنا من التلف ، فهو من القتل بمكان نجوة وأمن ؛ فكان ذلك ما شاء الله أن يكون. ثمّ أمر الله تعالى رسوله بالهجرة ، وأذن له بعد ذلك في قتال المشركين ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا احمرّ البأس ، ودعيت نزال ، وأحجم الناس قدّم أهل بيته فوقى بهم أصحابه حرّ السيوف والأسنّة ، فقتل عبيدة ابن الحارث يوم بدر ، وقتل حمزة يوم أحد ، وقتل جعفر وزيد يوم مؤتة ، وأسلم الناس نبيّهم يوم حنين غير العبّاس عمّه وأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطّلب ابن عمّه ، وأراد من لو شئت يا معاوية ذكرت اسمه مثل الذي أرادوا من الشهادة مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم غير مرّة ، ولكنّ آجالهم عجّلت ومنيّته أجّلت ، والله وليّ الإحسان إليهم ، والمنّان عليهم بما قد أسلفوا من الصالحات.
وأيم الله ما سمعت بأحد ولا رأيت من هو أنصح لله في طاعة رسوله ، ولا أطوع لرسوله في طاعة ربّه ، ولا أصبر على اللأواء والضرّاء وحين البأس ومواطن المكروه مع النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم من هؤلاء النفر من أهل بيته الّذين سمّيت لك ، وفي المهاجرين خير كثير نعرفه جزاهم الله خيرا بأحسن أعمالهم.
وذكرت حسدي على الخلفاء ، وإبطائي عنهم ، وبغيي عليهم ؛ فأمّا الحسد