طمس وضيّع من الآثار النبويّة في مناقب العترة ، الجمّ الغفير وترى تصريحهم بالإعراض المزبور في تراجم رواة ثقات كثير ، ومن ذلك قول الشافعي في حقّ الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام : ما ذا أقول في رجل أخفت أولياؤه فضائله خوفا ، وأخفت أعداؤه فضائله حسدا ، وشاع من بين ذين ما ملأ الخافقين (١). وكيف لا يكون ذلك منهم وقد منع كتابة الحديث النبوي في الصدر الأوّل تحت شعار حسبنا كتاب الله.
الرابع : جريهم على استبشاع الروايات الواردة في فضائل علي عليهالسلام فتارة يعبرون لا ينبسط لحديث فلان ، وأخرى لا يكتب حديثه ، وثالثة استثقل حديثه وغير ذلك من عبائرهم التي تفوح بالاشمئزاز والنفرة من الذي قال فيه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أنت مني بمنزلة هارون من موسى» ، «وعلي مع الحقّ والحقّ مع علي يدور معه حيثما دار» ، «لا يبغضك يا علي إلّا منافق أو ابن زنا أو ابن حيضة» ، وغيرها من الأحاديث النبويّة.
الخامس : جعلهم الانقطاع عن أهل البيت عليهمالسلام والابتعاد عنهم وتركهم سنّة ، والعاملين بها أصحاب سنّة كما عبّر بذلك ابن معين في كلامه مع المحدّث الحافظ عبد الرزاق الصنعاني ، وجعل موادّة عبد الرزاق لأهل البيت عليهمالسلام فساد في الدين. ولا يخفى أن جعفر بن سليمان ممّن روى حديث الطير ، وحديث «ما تريدون من عليّ! عليّ مني وأنا منه وهو وليّ كل مؤمن بعدي» كما ذكر ذلك الذهبي في الميزان (٢).
وقال ابن حجر في ترجمة حريز بن عثمان الحمصي :
قال معاذ بن معاذ حدّثنا حريز بن عثمان ولا أعلم أني رأيت بالشام أحدا أفضله عليه. وقال الآجري عن أبي داود : شيوخ حريز كلّهم ثقات ، قال : وسألت أحمد بن حنبل فقال : ثقة ثقة ، وقال أيضا : ليس بالشام أثبت من
__________________
(١). حلية الأبرار ١ / ٢٩٤ ، وانظر : الرواشح السماويّة : ٢٠٣ ، الأنوار البهيّة : ٦٠ ، كشف اليقين : ٤٠.
(٢). ميزان الاعتدال ١ / ٤١٠ ـ ٤١١.