وشرحه ابن المحلّى :
ونمسك عمّا جرى بين الصحابة من المنازعات والمحاربات ، التي قتل بسببها كثير منهم ، فتلك دماء طهّر الله منها أيدينا فلا نلوّث بها ألسنتنا ، ونرى الكلّ مأجورين في ذلك ؛ لأنّه مبنيّ على الاجتهاد في مسألة ظنّية ، فيها أجران على اجتهاده وإصابته ، وللمخطئ أجر على اجتهاده.
وقال التفتازاني (١) :
يجب تعظيم الصحابة والكفّ عن مطاعنهم ، وحمل ما يوجب بظاهره الطعن فيهم على محامل وتأويلات ، سيّما للمهاجرين والأنصار وأهل بيعة الرضوان ، ومن شهد بدرا وأحدا والحديبية ، فقال : انعقد على علوّ شأنهم الإجماع ، وشهد بذلك الآيات الصراح ، والأخبار الصحاح ، وتفاصيلها في كتب الحديث والسير والمناقب ، ولقد أمر النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم بتعظيمهم وكفّ اللسان عن الطعن فيهم ، حيث قال : أكرموا أصحابي فإنّهم خياركم ...
وتوقّف عليّ رضى الله عنه في بيعة أبي بكر كان للحزن والكآبة ، وعدم الفراغ للنظر والاجتهاد ؛ وعن نصرة عثمان بعدم رضاه ، لا برضاه ، ولهذا قال : «والله ما قتلت عثمان ، ولا مالأت عليه» وتوقّف في قبول البيعة إعظاما للحادثة ، وإنكارا ، وعن قصاص القتلة لشوكتهم ، أو لأنّهم عنده بغاة ، والباغي لا يؤاخذ بما أتلف من الدم والمال عند البعض.
قد استقرّت آراء المحقّقين من علماء الدين على أنّ البحث عن أحوال الصحابة وما جرى بينهم من الموافقة والمخالفة ليس من العقائد الدينية ، والقواعد الكلامية ، وليس له نفع في الدين ، بل ربّما يضرّ باليقين ، إلّا أنّهم ذكروا نبذا من ذلك لأمرين :
__________________
(١). شرح المقاصد ـ للتفتازاني ـ ٥ / ٣٠٣.