والصواب أنّ اجتهاده صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يخطئ.
وشرح ابن المحلّى ذلك :
لقوله تعالى : (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ) (١) (عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ) (٢) ... عوتب على استبقاء أسرى بدر بالفداء ، وعلى الإذن لمن ظهر نفاقه في التخلّف عن غزوة تبوك ، ولا يكون العتاب في ما صدر عن وحي ، فيكون عن اجتهاد.
وقيل : يمتنع له ، لقدرته على اليقين بالتلقّي من الوحي بأن ينتظره ، والقادر على اليقين في الحكم لا يجوز له الاجتهاد جزما. وردّ بأنّ إنزال الوحي ليس في قدرته.
وشرح أنّ اجتهاده صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يخطئ تنزيها لمنصب النبوّة عن الخطأ في الاجتهاد. وقيل: قد يخطئ ولكن ينبّه عليه سريعا ؛ لما تقدّم في الآيتين ؛ ولبشاعة هذا القول عبّر المصنّف بالصواب.
والمعروف لدى مفسّري العامّة ومحدّثيهم أنّ الوحي نزل في موارد بتخطئة النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم وتصويب رأي عمر ـ والعياذ بالله تعالى! ـ منها ما جرى في أسرى بدر ـ وقد رووا في أحاديثهم أنّه قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : لو كان من بعدي نبيّ لكان عمر. ومرادهم من اجتهاده صلىاللهعليهوآلهوسلم اعتماده على الظنّ والرأي ـ والعياذ بالله ـ
وقال ابن السبكي :
ونعتقد أنّ خير الأمّة بعد نبيّها محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم : أبو بكر خليفته ، فعمر ، فعثمان ، فعليّ ، أمراء المؤمنين ... ونمسك عمّا جرى بين الصحابة ، ونرى الكلّ مأجورين. (٣)
__________________
(١). الأنفال / ٦٧.
(٢). التوبة / ٤٣.
(٣). حاشية العلّامة البناني على شرح ابن المحلّى على متن جمع الجوامع ٢ / ٤٢٢.