تخصيص ذوي القربى بالفيء ـ وهو الأموال العامّة والمنابع الطبيعة في البلاد كما هو مقرّر في الفقه ـ كي لا تكون ـ أي الأموال العامّة ـ دولة يتداولها الأغنياء خاصّة منكم يستأثرون بها دون عامّة المسلمين ، أي كي تسود العدالة المالية بين المسلمين لا بد من ولاية ذوي القربى على الفيء والأموال العامّة ومقتضى هذا التعليل أنّ مجيء غيرهم على سدّة الحكم والولاية على الأموال العامّة سوف ينجم منه الظلم والفساد المالي ، وهذا ما وقع فإنّه قد فرّق بين المسلمين في عطاء بيت المال في عهد الأوّل ، وازداد ذلك في عهد الثاني ووصل إلى ذروة الحيف ، واللامساواة في توزيع وعطاء بيت المال في عهد الثالث حتّى ثار المسلمون وحدث الذي حدث ، وكذلك استمر النهج في عهد بني أمية وبني العبّاس ، وقد أخبرت الصديقة فاطمة عليهاالسلام بذلك في خطبتها التي سبق نقلها.
وقد توعّدت آيات سورة الحشر عن مخالفة هذا الحكم والتشريع بشدّة العقاب.
فتلخّص ـ ممّا مرّ بنا ـ أنّ المودّة للقربى وعترة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم هي موالاة لهم ـ كما أوضحت ذلك سورة المجادلة التي مرّ ذكر آياتها ـ وأنّ الضغينة والعداوة لهم مرض في القلوب ـ كما أوضحت ذلك سورة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ في قبال المودّة والموالاة لهم فإنّه إيمان.
وإلى ظاهر هذه الآيات من السور يشير الصادق عليهالسلام فى ما رواه عنه عبد الله بن سنان أنّه عليهالسلام قال : في معرض كلامه عن علامات ظهور القائم من آل محمّد (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) وأنّه يكون في السماء نداء «ألا أن الحقّ في علي بن أبي طالب وشيعته ، قال عليهالسلام : ف (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ) (١) على الحقّ وهو النداء الأوّل ، ويرتاب يومئذ الذين في قلوبهم مرض ، والمرض والله عداوتنا» (٢). الحديث.
وقد روى ابن المغازلي الشافعي في المناقب ، عن أبي سعيد الخدري في قوله تعالى : (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) (٣) ، قال : ببغضهم علي بن أبي طالب (٤) ، والآية المذكورة في
__________________
(١). إبراهيم / ٢٧.
(٢). الغيبة ـ للنعماني ـ : ٢٦٠ ح ١٩ الباب ١٤.
(٣). محمّد / ٣٠.
(٤). مناقب ابن المغازلي : ٢٦٢ ح ٣٥٩.