سياق وصف الّذين في قلوبهم مرض ، وغيرها من الروايات (١).
هذا ، وممّا يدلّ على كون مودّة ذوي القربى موالاتهم ، مضافا إلى ما تقدّم في سورة المجادلة ، قوله تعالى في سورة آل عمران : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٢) ، فإنّ في الآية تصريحا بأنّ مقتضى المحبّة الاتّباع ، كما أنّ مقتضى مفهوم الشرطية في الآية أيضا هو أنّ ترك الاتّباع كاشف مسبب عن عدم المحبّة. فيتحصّل أنّ مودّة ذوي القربى مقتضاها اتّباعهم وموالاتهم وهي التي قد جعلها أجرا لكلّ الرسالة. فمفاد الآية متطابق مع حديث الثقلين وحديث السفينة.
فتحصّل أنّ مقتضى فريضة المودّة في القربى والتي عظّم شأنها القرآن الكريم ، وكون بغضهم والعداوة لهم وجفاءهم وقطعيتهم مرض يعري القلوب ويسلبها الإيمان ، هو أن المودّة للقربى ميزان ومعيار لتعديل الصحابي ، وبغض ذوي القربى والمصادمة معهم ميزان ومعيار لجرح الصحابي ، فهذا الضابط يتطابق مع ما تقدّم من الموازين والمعايير التى مرّت بنا في ما سبق.
ومن ذلك قول الصدّيقة الزهراء عليهاالسلام بأن الهجرة كوصف للصحابي إنّما تنطبق عليه لا لكون معناها انتقال البدن من مكان إلى مكان كسفر جغرافي ، بل الهجرة إنّما هي بالهجرة إلى أهل البيت عليهمالسلام ، لا الابتعاد عنهم ، وأنّ المدار على الموالاة والمتابعة لرسول الله وأهل بيته ، لا المعاداة لهم والمخالفة ، والهجرة تحققت بهم ، والنصرة بنصرة الله ورسوله وذي القربى ، فلا هجرة إلّا إليهم لا إلى غيرهم ، ولا نصرة ومودّة وموالاة إلّا لهم لا عليهم ، ولا اتّباع بإحسان إلّا باتباع سبيلهم ، وما أسألكم عليه من أجر إلّا ـ وهو المودة في القربى ـ من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا ، كما مرّ بنا قول علي عليهالسلام : «أنّ الصدّيق من
__________________
(١). لاحظ : ما روي عنهم عليهالسلام في تفسير البرهان ، ونور الثقلين في ذيل آيات سورة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
(٢). آل عمران / ٣١.