قلت : الله ورسوله أعلم.
فقال : أرادوا أن يمكروا برسول الله فيطرحوه من العقبة.
فلمّا كان بعد ذلك وقع بين عمّار رضى الله عنه وبين رجل منهم شيء ممّا يكون بين الناس ، فقال : أنشدكم الله ، كم أصحاب العقبة الّذين أرادوا أن يمكروا برسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم؟!
فقال : ترى أنّهم أربعة عشر ، فإن عشر ، كنت فيهم فهم خمسة عشر ..
ومن هذا الوجه رواه الطبراني والبزّار ، وقال : روي من طريق عن حذيفة ، وهذا أحسنها وأصلحها إسنادا. ورواه ابن إسحاق في المغازي ، ومن طريقه البيهقي في الدلائل ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرّة ، عن أبي البختري ، عن حذيفة بن اليمان ، قال : كنت آخذا بخطام ناقة رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم أقود به ، وعمّار رضى الله عنه يسوق الناقة حتّى إذا كنّا بالعقبة وإذا اثني عشر راكبا قد اعترضوه فيها ، قال : فانتهت إلى رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم فصرخ بهم فولّوا مدبرين (١).
وقال الفخر الرازي في تفسيره الكبير ـ بعد أن ذكر أسبابا أخرى لنزول هذه الآيات ـ :
قال القاضي : «يبعد أن يكون المراد من الآية هذه الوقائع ؛ وذلك لأنّ قوله : (يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ) إلى آخر الآية ، كلّها صيغ الجموع ، وحمل صيغة الجمع على الواحد ، خلاف الأصل.
فإن قيل : لعلّ ذلك الواحد قال في محفل ورضي به الباقون.
قلنا : هذا أيضا خلاف الظاهر ؛ لأنّ إسناد القول إلى من سمعه ورضي به خلاف الأصل ..
ثمّ قال : بلى الأولى أن تحمل هذه الآية على ما روي : أنّ المنافقين همّوا بقتله
__________________
(١). ذيل الكشّاف ٢ / ٢٩٢.