وقال :
قاتل عليّ رضى الله عنه ثلاث فرق من المسلمين على ما قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّك تقاتل الناكثين والمارقين والقاسطين :
فالناكثون : هم الّذين نكثوا العهد والبيعة ، وخرجوا إلى البصرة ، مقدّمهم طلحة والزبير ، وقاتلوا عليّا رضى الله عنه بعسكر مقدّمهم عائشة في هودج على جمل ، أخذ بخطامه كعب بن مسعود ، فسمّي ذلك الحرب حرب الجمل.
والمارقون : هم الّذين نزعوا اليد عن طاعة عليّ رضى الله عنه بعد ما بايعوه ...
والقاسطون : معاوية وأتباعه الّذين اجتمعوا عليه ، وعدلوا عن طريق الحقّ الذي هو بيعة عليّ رضى الله عنه والدخول تحت طاعته ، ذهابا إلى أنّه مالا على قتل عثمان حيث ترك معاونته ، وجعل قتلته خواصّه وبطانته ...
والذي اتّفق عليه أهل الحقّ أنّ المصيب في جميع ذلك عليّ رضى الله عنه لما ثبت من إمامته ببيعة أهل الحلّ والعقد ، وظهر من تفاوت إمّا بينه وبين المخالفين ، سيّما معاوية وأحزابه ، وتكاثر من الأخبار في كون الحقّ معه ، وما وقع عليه الاتّفاق ـ حتّى من الأعداء ـ إلى أنّه أفضل زمانه ، وأنّه لا أحقّ بالإمامة منه. والمخالفون بغاة ؛ لخروجهم على الإمام الحقّ بشبهة ، هي تركه القصاص من قتلة عثمان ، ولقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لعمّار : «تقتلك الفئة الباغية» وقد قتل يوم صفّين على يد أهل الشام ، ولقول عليّ رضى الله عنه : إخواننا بغوا علينا ؛ وليسوا كفّارا ولا فسقة ولا ظلمة ؛ لما لهم من التأويل. وإن كان باطلا ، فغاية الأمر أنّهم أخطئوا في الاجتهاد ؛ وذلك لا يوجب التفسيق ، فضلا عن التكفير ؛ ولهذا منع عليّ رضى الله عنه أصحابه من لعن أهل الشام ، وقال : إخواننا بغوا علينا.
كيف؟! وقد صحّ ندم طلحة والزبير ، وانصراف الزبير عن الحرب ، واشتهر ندم عائشة. والمحقّون من أصحابنا على أنّ حرب الجمل كانت فلتة من غير قصد من الفريقين ، بل كانت تهييجا من قتلة عثمان ، حيث صاروا فرقتين ،