وروى عن بلال بن يحيى : «بلغني أنّ حذيفة كان يقول : ما أدرك هذا الأمر أحد من أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلّا قد اشترى بعض دينه ببعض. قالوا : فأنت؟! قال : وأنا .. والله إنّي لأدخل على أحدهم ، وليس من أحد إلّا وفيه محاسن ومساوئ ، فأذكر من محاسنه وأعرض عن ما سوى ذلك ، وربّما دعاني أحدهم إلى الغذاء فأقول : إنّي صائم ولست بصائم» (١).
السادسة عشر : إنّ أسرار المنافقين ـ وعمدتها أسماء مجموعة أهل العقبة ـ لا يحتمل غالب الناس وعامّة المسلمين كشفها والإعلان عنها ، كما صرّح بذلك حذيفة ، بل لقتلوه كما قال ، كما إنّ حذيفة يصرّح بانسياق وذهاب كثير من الصحابة وراء الدنيا وتكالبهم عليها ، ونكث العهود التي أخذها الله ورسوله عليهم.
السابعة عشرة : إنّه كانت بين حذيفة وعثمان منافرة ومراقبة ومواجهة بسبب ما يعرفه حذيفة من أسماء أهل العقبة ، وكان منها ما يمسّ عثمان وأمثاله من جماعته من الصحابة.
قول ابن حزم في المحلّى :
ومن طريق مسلم (٢) : حدّثنا زهير بن حرب ، حدّثنا أحمد الكوفي ، حدّثنا الوليد بن جميع ، حدّثنا أبو الطفيل ، قال : «كان بين رجل من أهل العقبة وبين حذيفة ما يكون بين الناس ، فقال : انشدك الله كم كان أصحاب العقبة؟ فقال له القوم : أخبره إذ سألك. قال ـ يعني حذيفة ـ كنّا نخبر أنّهم أربعة عشر ، فإن كنت فيهم فقد كان القوم خمسة عشر، وأشهد بالله أنّ اثني عشر منهم حرب لله ولرسوله ويوم يقوم الأشهاد ، وعذر ثلاثة ؛ قالوا : ما سمعنا منادي رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلم ولا علمنا بما أراد القوم».
__________________
(١). تهذيب الكمال ٢ / ٧٥ ـ ٧٧.
(٢). صحيح مسلم ٤ / ٢١٤٤ ح ١١.